الرب الذي تعبده وبين العدم؟ أي: أن هذا هو العدم، ولو قيل للإنسان: صف العدم بأبلغ من هذا الوصف ما وجد إلى ذلك سبيلًا.
أما أهل الحق فقالوا: إن الله تعالى بذاته فوق كل شيء، ولا يمكن أن يكون في كل مكان، ولا يمكن أن نصفه بالعدم كما وصفه هؤلاء.
١٠ - أن القرآن كلام الله، وجهه: أن الله قال: {وَأَنْزَلَ الله عَلَيْكَ الْكِتَابَ} ومعلوم أن القرآن كلام، والكلام صفة المتكلم، فإذا كان الإنزال دالًا على علو المنزل كان ذلك دليلًا على أن القرآن كلام الله؛ لأن القرآن وصف لا يمكن أن يقوم بذاته، فلزم أن يكون كلام الله عزّ وجل.
فإن قال قائل: في هذا الإستدلال نظر؛ لأن الله تعالى قال:{وَأَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ}[الحديد: ٢٥]، وقال:{وَأَنْزَلَ لَكُمْ مِنَ الْأَنْعَامِ ثَمَانِيَةَ أَزْوَاجٍ}[الزمر: ٦] وقال: {وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً طَهُورًا}[الفرقان: ٤٨] , ولا شك أن هذه الأشياء الثلاثة ليست كلام الله، ففي هذا الإستدلال نظر؟
فالجواب على ذلك أن يقال: هذه الأشياء أعيان قائمة بنفسها فهي مخلوقة، وأما القرآن فهو صفة لا تقوم بنفسها؛ لأنه كلام، فلزم من ذلك أن يكون صفة لله وليس بمخلوق، وهذا هو الذي عليه أهل السنة والجماعة.
أما الأشاعرة فقالوا: هذا القرآن الذي بين أيدينا مخلوق، وكلام الله غير مخلوق؛ لأنهم يرون أن الكلام هو المعنى القائم بالنفس، وحقيقة قولهم: أنهم فسروا الكلام بالعلم وليس