للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

التوحيد إلى الشرك، ومن اليقين إلى الشك، كما قال الله تبارك وتعالى: {فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ} [الروم: ٣٠]، أو المراد بتغيير خلق الله الوشم والوشر والنمص وما أشبه ذلك؟

الجواب: فيه قولان للعلماء، والصواب أنه شامل، بناءً على قاعدة التفسير المشهورة، أنه متى ذكر في الآية قولان لا تضاد بينهما، والآية تحتملهما وجب حملها على المعنيين جميعًا، وعلى هذا فهو يأمرهم أن يغيروا خلق الله الذي هو الفطرة التي فطر الناس عليها، وخلق الله التغيير الحسي بالتفليج والوشم والوشر وغير ذلك؛ لأن هذا أعم.

وقول الله تعالى: {وَمَنْ يَتَّخِذِ الشَّيْطَانَ وَلِيًّا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَقَدْ خَسِرَ خُسْرَانًا مُبِينًا} صدق الله {وَمَنْ يَتَّخِذِ الشَّيْطَانَ} أي: يجعله {وَلِيًّا} أي: متولي؛ أي: يتولى الشيطان {مِنْ دُونِ اللَّهِ فَقَدْ خَسِرَ خُسْرَانًا مُبِينًا} وتولي الشيطان يكون بطاعته، فمن أطاع الشيطان وعصى الرحمن {فَقَدْ خَسِرَ خُسْرَانًا مُبِينًا} والخسران ضد الربح، بل إن الخاسر هو الذي لم يحصل ولا على رأس ماله، فهو لم يربح بل خسر.

وقوله: {مُبِينًا} مشتقة من أبان، فهي مشتقة من فعل رباعي، وأصلها مُبْين، لكن نقلت حركة الياء للساكن الصحيح قبلها، ونقل السكون الذي على ما قبلها إليها، فصارت {مُبِينًا} وهي من أبان، وأبان يصلح أن يكون لازمًا ويصلح أن يكون متعديًا، نقول: بان الفجر وأبان الفجر، فإذا جعلناها من اللازم {مُبِينًا} صارت بمعنى بيِّن واضح، وإذا جعلناها من المتعدي

<<  <  ج: ص:  >  >>