للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

"مَنْ" هنا اسم استفهام، والمراد به النفي، وقد قلنا عدة مرات: أن النفي إذا جاء بصيغة الإستفهام كان أبلغ مما لو أتى بصيغة النفي الصريح؛ وذلك لأنه إذا أتى بصيغة الإستفهام صار مشربًا معنى التحدي؛ أي: كأن المتكلم يقول: ائتني بأحسن من كذا .. ائتني بأظلم ممن افترى على الله كذبًا، وما أشبه ذلك.

قوله: {دِينًا} هنا منصوبة على التمييز؛ لأنها وقعت بعد اسم التفضيل.

وهي تمييز لكلمة {أَحْسَنُ}؛ لأن أحسن مبهمة، لا ندري لأي شيء تضاف، فإذا جاءت بعدها كلمة منصوبة فهي مميزة ومبينة لها.

وقوله: {دِينًا} الدين هنا بمعنى العمل، وإنما قلنا ذلك لأن الدين يطلق بمعنى الجزاء، مثل قول الله تعالى: {مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ (٤)} [الفاتحة: ٤]، وبمعنى: العمل كما في هذه الآية، وكما في قوله تعالى: {لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ (٦)} [الكافرون: ٦]، وكما في قوله تعالى: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ} [المائدة: ٣].

إذًا: قوله: {دِينًا} أي: عملًا، فالعمل الذي يبتغي عامله مقابلًا يسمى دينًا.

قوله: {مِمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ} الإسلام بمعنى الإخلاص؛ أي: فوض أمره إلى الله عزّ وجل، وهذا يعني: الإخلاص في القصد.

قوله: {وَهُوَ مُحْسِنٌ} جملة حالية من "مَنْ" في قوله: {مِمَّنْ أَسْلَمَ}، والإحسان هنا: الموافقة للشريعة، فيكون في الآية دليل على شرطي العبادة، وهما الإخلاص والمتابعة، فالإخلاص

<<  <  ج: ص:  >  >>