للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ثم أشار سبحانه إلى أمر مهم يحمل على الشهادة للمشهود له أو عليه، فقال: {إِنْ يَكُنْ} أي: المشهود عليه أو المشهود له: {غَنِيًّا أَوْ فَقِيرًا فَاللَّهُ أَوْلَى بِهِمَا}؛ لأن من الناس من يشهد للغني لغناه، أو للفقير لفقره، أو يشهد على الغني لغناه، أو على الفقير لسبب من الأسباب، فالله أمر بأن نشهد على هؤلاء ولو كان الإنسان غنيًا أو فقيرًا؛ لأن أمرهما إلى خالقهما عزّ وجل، ولهذا قال: {فَاللَّهُ أَوْلَى بِهِمَا} فلا تقل: أشهد للفقير؛ لأنه فقير محتاج وصاحب عائلة؛ لأن ولاية الله لهم خير من شهادتك.

ثم قال: {فَلَا تَتَّبِعُوا الْهَوَى} أي: هوى النفس، وهو: ميل الإنسان إلى ما يخالف الشرع، وهذا هو الهوى المذموم.

وقوله: {أَنْ تَعْدِلُوا} معناها لأجل أن تعدلوا، وليس هناك أحد يكره العدل، لكن لما أمر الله بالشهادة على النفس والوالدين والأقربين، وبيّن أنه تعالى هو الذي يتولى الجميع، ونهى عن اتباع الهوى، قال: {أَنْ تَعْدِلُوا} يعني: إن أردتم العدل فلا تتبعوا الهوى، وعلى هذا فيجوز أن نقول: التقدير: كراهة أن تعدلوا. يعني: أننا أمرناكم أو نهيناكم عن اتباع الهوى كراهة أن لا تعدلوا؛ أي: من أجل أن تعدلوا، والعدل هو الإستقامة، والمراد به في باب الأحكام: الحكم بما دل عليه الكتاب والسنة.

قوله: {وَإِنْ تَلْوُوا أَوْ تُعْرِضُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا} "إن تلووا" أي: تنحرفوا في الشهادة، فتزيدوا فيها أو تنقصوا منها، أو تعرضوا عن الشهادة بحيث لا تؤدونها، فهذا وعيد.

قوله: {فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا} وماذا يكون إذا كان الله بما نعمل خبيرًا؟

<<  <  ج: ص:  >  >>