للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

النصرة والمساعدة ولو بالقول .. أولياء في تقوية اقتصادهم .. أولياء في مداهنتهم وعدم التعرض لهم وما هم عليه، المهم أن طرق الموالاة كثيرة.

وقوله: {مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ} أتت {مِنْ} الدالة على بعد الصلة بينهم وبين المؤمنين؛ كقوله تعالى: {وَمِنْ بَيْنِنَا وَبَيْنِكَ حِجَابٌ} [فصلت: ٥]، فهو أبلغ من قوله: "وبيننا وبينك حجاب"؛ لأنه لو قال: بيننا وبينك حجاب لكان من المحتمل أن يكون ليس بينهما إلا الحجاب فقط، لكن لما قال: "من بيننا وبينك" فمعناها أن هناك مسافة قبل أن نصل إلى الحجاب بيننا وبين هؤلاء.

وهنا أيضًا قال: {مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ} تدل على بعد الصلة بين المؤمنين والمنافقين.

قوله تعالى: {أَيَبْتَغُونَ عِنْدَهُمُ الْعِزَّةَ} أي: أيطلبون عند الكافرين العزة. يعني: الغلبة، والقوة والقهر، وهذا هو الذي يحصل من بعض من يتولى الكفار، يطلبون منهم العزة أن يعتزوا بهم، فأبطل الله هذا الإبتغاء بقوله: {فَإِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا}.

فليست العزة عند الكفار، وهذا كقوله تعالى عن المنافقين أنفسهم: {يَقُولُونَ لَئِنْ رَجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلَّ} [المنافقون: ٨]، وهذا حق لكن من الأعز؟

قال الله: {وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ} [المنافقون: ٨] وهنا لم يقل: "والله الأعز ورسوله والمؤمنون" لأنه لو قال: والله أعز لأثبت لهم عزة، ولكنه قال: {وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ} بصيغة تقتضي الحصر بتقديم الخبر، من أجل أن يتبين أن المنافقين لا عزة لهم، وكيف يكون لهم عزة وهم يتقون ويداهنون ويخادعون.

<<  <  ج: ص:  >  >>