للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لأنه أفسد أممًا اتبعوه على بدعته فمن يصلح هذه الأمم؟ ! وعلى هذا فلا توبة له، ولكن الصحيح أن له توبة، وأن إصلاحه ما أفسد أن يعلن الرجوع عما كان من الفساد، وأن يدعو إلى الإصلاح.

ولهذا يقال: إن أبا الحسن الأشعري رحمه الله، لما تاب من الإعتزال قام يوم الجمعة على الكرسي، ووضع عمامته، وقال: أما بعد: فمن عرفني فقد عرفني، ومن لم يعرفني فأنا فلان .. ثم صرح برجوعه عن الإعتزال، وصار يرد على المعتزلة، فمثل هذا الرجل الذي كان مبتدعًا معتزليًا، توبته مقبولة؛ لأنه أصلح ما أفسد، ولهذا كان خطر البدعة عظيمًا لما يحصل بها من الفساد.

٣ - أن من كان معتصمًا بغير الله فإن من تحقيق توبته أن يعدل عن الإعتصام بغير الله إلى الإعتصام بالله؛ لأن الداء يداوى بدواء مقابل، فالإعتصام بغير الله شرك، يداوى بالإعتصام بالله عزّ وجل، ولكل داء دواء يناسبه.

٤ - أن من تمام التوبة إخلاص المشرك؛ لقوله: {وَأَخْلَصُوا دِينَهُمْ لِلَّهِ} والمنافقون عندهم إشراك؛ لأنهم يراؤون الناس، {وَلَا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلًا}.

٥ - أن من اتصف بهذه الصفات فإنه يكون مع المؤمنين، ولو كان قبل ذلك منافقًا؛ لأن هذه الصفات تنتشله من النفاق إلى الإيمان, فهذه معية المؤمنين لا شك أنها منزلة عالية، كما قال تعالى: {وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ} [النساء: ٦٩].

<<  <  ج: ص:  >  >>