للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تَحَاوُرَكُمَا} فهذا سمع يراد به بيان إحاطة الله بكل مسموع.

وتارةً يراد به التأييد والنصرة، مثل قول الله تبارك وتعالى: لموسى وهارون {قَالَ لَا تَخَافَا إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى (٤٦)} [طه: ٤٦] يعني: فأؤيدكما وأنصركما.

وقد يراد بذلك في هذه الآية التهديد أيضًا، وهو تهديد فرعون، وأما الذي للتهديد فمثل قوله تعالى: {لَقَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِيَاءُ} [آل عمران: ١٨١] وهؤلاء اليهود، قالوا: {إِنَّ اللَّهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِيَاءُ} قال تعالى: {سَنَكْتُبُ مَا قَالُوا وَقَتْلَهُمُ الْأَنْبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَنَقُولُ ذُوقُوا عَذَابَ الْحَرِيقِ} [آل عمران: ١٨١] وهذا لا شك أن المقصود به التهديد، وكذلك قوله تعالى: {أَمْ يَحْسَبُونَ أَنَّا لَا نَسْمَعُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُمْ بَلَى وَرُسُلُنَا لَدَيْهِمْ يَكْتُبُونَ (٨٠)} [الزخرف: ٨٠] فهو مسموع مكتوب، وستكون القراءة يومِ القيامة قال تعالى: {وَكُلَّ إِنْسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَائِرَهُ فِي عُنُقِهِ وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كِتَابًا يَلْقَاهُ مَنْشُورًا (١٣) اقْرَأْ كِتَابَكَ كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيبًا (١٤)} [الإسراء: ١٣، ١٤].

قال بعض السلف: والله لقد أنصفك من جعلك حسيبًا على نفسك، خذ هذا الكتاب اقرأه وحاسب نفسك.

القسم الثاني من أقسام السمع: سمع الإستجابة؛ أي: أن الله يستجيب، وذلك فيما إذا أضيف إلى الدعاء أو نحو ذلك، مثل قوله تعالى: {إِنَّ رَبِّي لَسَمِيعُ الدُّعَاءِ} [إبراهيم: ٣٩] أي: لمجيبه، وليس مراد إبراهيم عليه الصلاة والسلام أن الله يسمع دعاءه فقط؛ لأن سماع الدعاء لا شك أنه كمال، وأن الله تعالى مدرك لكل مسموع، لكن المقصود من دعاء الداعي الإستجابة،

<<  <  ج: ص:  >  >>