للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

غاية الإستحالة، فهذا خبر عن مستحيل صادر عن علم.

أما العلم بالواجب: فعلم الله تعالى بنفسه، وبماله من الأسماء والصفات، فإن هذا من العلم بالواجب، وهو أعلم بنفسه من غيره.

وأما تعلقه بالممكن: فعلمه بما يحدث في الكون، فكل ما يحدث في الكون غير ما يتعلق بالله عزّ وجل، فهو ممكن؛ لأن الكون كله حادث بعد أن لم يكن "كان الله تعالى ولم يكن شيء قبله" (١)، وفي لفظ: "لم يكن شيء غيره" (٢)، فكل الكون حادث، وقابل للزوال؛ لأن كل حادث قابل للزوال، بدليل عدمه قبل وجوده، وكلمة "قابل" ليس معناها أن كل موجود فانٍ، لكنه قابل للفناء، وإنما قلنا ذلك لئلا يرد علينا مسألة الروح، فالروح مخلوقة بعد العدم، لكنها باقية لا تفنى، والولدان والحور في الجنة مخلوقة، ولكنها لا تفنى، بل تبقى أبد الآبدين، والجنة أيضًا مخلوقة وتبقى أبد الآبدين، والنار مخلوقة وتبقى أبد الآبدين؛ ولهذا نقول: كل موجود قابل للزوال لا أنه زائل؛ لأن من المخلوقات شيئًا لا يزول، لكن كونه حادثًا بعد أن لم يكن دليل على أنه من أقسام الممكن القابل للعدم والوجود.

ووجه ذلك: أنه لو لم يكن قابلًا للوجود لم يوجد، ولو لم يكن قابلًا للعدم لم يعدم أولًا.

المهم: أن علم الله محيط بكل شيء، وإيماننا بعلم الله ليس أن نؤمن بهذه الصفة العظيمة الواسعة الشاملة، لكن المهم


(١) رواه البخاري، كتاب التوحيد، باب وكان عرشه على الماء وهو رب العرش العظيم (٧٤١٨) عن عمران بن حصين.
(٢) رواه البخاري، كتاب بدء الخلق، باب ما جاء في قول الله تعالى: {وَهُوَ الَّذِي يَبْدَأُ الْخَلْقَ ... } (٣١٩٢) عن عمران بن حصين.

<<  <  ج: ص:  >  >>