إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً.
أهوال القيامة وأحوالها كثيرة عظيمة تشيب لها الولدان.
فهذه صفة الحساب: عن أنس رضي الله عنه قال: (كنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فضحك فقلنا: ما الذي أضحكك يا رسول الله؟! قال: من مخاصمة العبد ربه يوم القيامة، يقول: رب! ألم تجرني من الظلم؟ فيقول: بلى، فيقول: فإني لا أجيز على نفسي إلا شاهداً مني، فيقول الله عز وجل:{كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيبًا}[الإسراء:١٤] وبالكرام الكاتبين شهوداً، فيختم الله عز وجل على فيه -أي: على فمه- ثم يقال لأركانه: انطقي، فتنطق بأعماله، ثم يخلى بينه وبين الكلام، فيقول: بعداً لكن وسحقاً، فعنكن كنت أناضل).
وقال عز وجل:{الْيَوْمَ نَخْتِمُ عَلَى أَفْوَاهِهِمْ وَتُكَلِّمُنَا أَيْدِيهِمْ وَتَشْهَدُ أَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ}[يس:٦٥].
فالعبد تشهد عليه جوارحه كما تشهد الأرض التي عمل عليها بطاعة الله عز وجل أو بمعصية الله، تشهد عليه؛ يستنطقها الله عز وجل يوم القيامة فتنطق، فمن عمل عليها بطاعة الله عز وجل تشهد له بالخير، كما أنها تنطق على من عمل عليها بمعصية الله عز وجل فتشهد عليه بالمعصية.
فينبغي على العبد أن يحذر من جوارحه، فإنها تستنطق يوم القيامة، وتشهد عليه، ويحذر من كل شيء وإن كان جماداً فإنه سيشهد عليه بأعماله يوم القيامة.