للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[تفسير قوله تعالى: (كذبت قبلهم قوم نوح)]

ثم يذكر الله عز وجل الأمم المكذبة بالنبوات والرسالات قبل ذلك فيقول عز وجل: {كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَأَصْحَابُ الرَّسِّ وَثَمُودُ * وَعَادٌ وَفِرْعَوْنُ وَإِخْوَانُ لُوطٍ * وَأَصْحَابُ الأَيْكَةِ وَقَوْمُ تُبَّعٍ كُلٌّ كَذَّبَ الرُّسُلَ فَحَقَّ وَعِيدِ} [ق:١٢ - ١٤].

فلم يقل: كذب رسوله، بل قال: ((كل كذب الرسل))؛ لأن التكذيب برسول واحد تكذيب بكل الرسل، كما قال الله عز وجل: {كَذَّبَتْ قَوْمُ نُوحٍ الْمُرْسَلِينَ} [الشعراء:١٠٥]، وما أرسل إليهم إلا نوح وحده، ولكن دعوة الرسل واحدة.

وعلى مر الزمان وكر الأيام أناس يؤمنون بدعوة الرسل، ويعتقدون اعتقادهم ويسيرون على دربهم، وأناس يحاربون شرع الله عز وجل ودينه ويريدون أن يفسدوا على الناس حياتهم، فيتجرءون على الآذان وعلى صلاة التراويح، ثم بعد قليل قد يقول قائل منهم بعد ذلك: الصلوات الخمس متعبة للناس فيكفي أربع صلوات، {وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لا تُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ قَالُوا إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ * أَلا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَلَكِنْ لا يَشْعُرُونَ} [البقرة:١١ - ١٢].

فأين يذهبون من الله عز وجل وهو يحصي عليهم عدد الذرات من الأقوال والأعمال؟ وهم يحاربون دينه الله عز وجل، ويصدون عن سبيله ويبغونها عوجاً.

فهؤلاء يسيرون في درب قوم نوح وأصحاب الأيكة وقوم تبع وقوم فرعون، الذين خالفوا دين الله عز وجل ودعوة الرسل، وحاربوا دين الله عز جل، وسيهلكهم الله عز وجل كما أهلك المكذبين في كل زمان وفي كل مكان، والعاقبة للمتقين، {وَيَأْبَى اللَّهُ إِلَّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ} [التوبة:٣٢].

قال تعالى: {كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَأَصْحَابُ الرَّسِّ وَثَمُودُ * وَعَادٌ وَفِرْعَوْنُ وَإِخْوَانُ لُوطٍ * وَأَصْحَابُ الأَيْكَةِ وَقَوْمُ تُبَّعٍ كُلٌّ كَذَّبَ الرُّسُلَ فَحَقَّ وَعِيدِ * أَفَعَيِينَا بِالْخَلْقِ الأَوَّلِ} [ق:١٢ - ١٥]، أي: أفعجزنا للخلق الأول، {بَلْ هُمْ فِي لَبْسٍ مِنْ خَلْقٍ جَدِيدٍ} [ق:١٥].