للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[جزم الله عز وجل بالجزاء لمن شكر]

علق الله عز وجل كثيراً من العطاء والجزاء على المشيئة، فقال: {وَيَتُوبُ اللَّهُ عَلَى مَنْ يَشَاءُ} [التوبة:١٥]، وقال الله عز وجل: {فَسَوْفَ يُغْنِيكُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ إِنْ شَاءَ} [التوبة:٢٨]، وجزم بجزاء الشكر حيث قال عز وجل: {وَسَنَجْزِي الشَّاكِرِينَ} [آل عمران:١٤٥]، وقال عز وجل: {وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ} [آل عمران:١٤٤]، وجعل الله عز وجل الشكر سبباً للمزيد من نعم الله عز وجل، فقال الله عز وجل: {لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ} [إبراهيم:٧].

فعكس الشكر هو الكفر، والعباد قسمهم الله عز وجل إلى شاكر وكافر، فقال: {إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا} [الإنسان:٣]، وقال سليمان عليه السلام: {هَذَا مِنْ فَضْلِ رَبِّي لِيَبْلُوَنِي أَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ} [النمل:٤٠]، فالله عز وجل قسم الناس إلى شاكر وكافر، وهو سبحانه يستدرج الناس فيعطيهم النعم ويمنعهم الشكر، كما قال عز وجل: {سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ حَيْثُ لا يَعْلَمُونَ} [الأعراف:١٨٢].

قال بعض السلف: كلما أحدثوا ذنباً أحدث لهم نعمة، فهم يظنون أن الله عز وجل راض عنهم، وقال بعضهم: يعطيهم الله عز وجل بنعمه ويمنعهم الشكر، وما أنعم الله عز وجل على عبد بنعمة فألهمه أن يقول: الحمد لله إلا كانت هذه النعمة -إلهام الحمد- خيراً من النعمة ذاتها.

قيل لأحد العلماء: كيف أصبحت؟ قال: أصبحت بين نعمتين لا أدري أيتهما أشكر: ذنوب سترها الله عز وجل علي فلا يعيرني بها أحد، ومحبة قذفها الله عز وجل في قلوب العباد.

فينبغي على العبد أن يكون من الصابرين والشاكرين، حتى يصل إلى جنة الله عز وجل.

فالإيمان نصفان: نصف صبر ونصف شكر.

اللهم إنا نسألك أن تجعلنا من الصابرين الشاكرين، اللهم إنا نسألك أن تجعلنا نشكر نعمتك علينا، اللهم اقسم لنا من خشيتك ما تحول به بيننا وبين معصيتك، ومن طاعتك ما تبلغنا به جنتك، ومن اليقين ما تهون به علينا مصائب الدنيا، ومتعنا بأسماعنا وأبصارنا وقواتنا أبداً ما أحييتنا، واجعله الوارث منا، واجعل ثأرنا على من ظلمنا وانصرنا على من عادانا، ولا تجعل مصيبتنا في ديننا، ولا تجعل الدنيا أكبر همنا ولا مبلغ علمنا، ولا تسلط علينا بذنوبنا من لا يخافك فينا ولا يرحمنا.

اللهم انصر الإسلام والمسلمين، وأذل الكفر والكافرين، وأعل راية الحق والدين، اللهم من أرادنا والإسلام والمسلمين بعز فاجعل عز الإسلام على يديه، ومن أرادنا والإسلام والمسلمين بكيد فكده يا رب العالمين! ورد كيده في نحره واجعل تدبيره في تدميره، واجعل الدائرة تدور عليه، اللهم هيئ لهذه الأمة أمر رشد يعز فيه أهل طاعتك، ويذل فيه أهل معصيتك، ويؤمر فيه بالمعروف وينهى فيه عن المنكر.

اللهم ارفع عن بلاد المسلمين الغلاء والوباء والربا والزنا وردهم إليك رداً جميلاً.

وصلى الله وسلم وبارك على محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً.