قال الله عز وجل:{قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ}[النور:٣٠].
وقوله عز وجل:{يَغُضُّوا}[النور:٣٠] فعل مضارع لم يسبقه ناصب ولا جازم، ولكن حذفت النون بسبب أداة شرط مقدرة، وهي: إن قلت للمؤمنين: غضوا يغضوا؛ لأن هذا مقتضى الإيمان أن المؤمن يمتثل أمر الله عز وجل.
أما غير المؤمنين فإنهم يستمرون في إطلاق البصر؛ لأنه ليس في قلوبهم من الإيمان ما يدفعهم إلى طاعة الرحمن، وإن وجد إيمان فإيمان ضعيف لا يحجب صاحبه عن معصية الله عز وجل، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم:(لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن، ولا يسرق السارق حين يسرق وهو مؤمن) أي: عنده إيمان ضعيف لا يحجزه عن معصية الله عز وجل.
فأمر الله عز وجل بغض البصر، وقرن الله عز وجل غض البصر بحفظ الفرج؛ لأن غض البصر وسيلة إلى حفظ الفرج.
ألم تر أن العين في القلب رائد فما تألف العينان فالقلب آنف فالعين رائد القلب، فإذا ألفت العين ألف القلب.
ونفر النبي صلى الله عليه وسلم من إطلاق البصر؛ وسمى إطلاق البصر زناً، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:(كتب على ابن آدم نصيبه من الزنا، فهو مدرك ذلك لا محالة، العينان تزنيان وزناهما النظر، والأذنان تزنيان وزناهما الاستماع، واليدان تزنيان وزناهما البطش، والرجلان تزنيان وزناهما الخطى، والقلب يهوى ويتمنى ويصدق ذلك الفرج أو يكذبه) فهو زنا وإن كان دون زنا الفرج ولكن نفر النبي صلى الله عليه وسلم من إطلاق البصر فسماه زنا العينين.
وسئل النبي صلى الله عليه وسلم عن نظر الفجأة، أي: عندما يقع نظر العبد على عورة مكشوفة أو على شيء يحرم النظر إليه، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:(اصرف بصرك).