[قصة قارون تمثل قصة كل من اغتر بالدنيا وتعلق بزخرفها]
هذه القصة هي قصة المال الذي يطغي صاحبه، والذي لا يعترف صاحبه بأن الله عز وجل أنعم عليه به، فلا يؤدي زكاة ماله، ولا يشكر ربه عز وجل، ولا يستعمله في طاعة الله عز وجل، بل يتكبر به على عباد الله، ويبغي به على عباد الله عز وجل، ويحسن الظن بنفسه، يظن أنه بمهارته وأنه بذكائه وأنه بسعيه حصل هذا المال، فيقول: أنا رجل عصامي، ما ورثت هذا المال بل اكتسبته بجهدي ومهارتي، لا يعترف بأنه نعمة من عند الله عز وجل، فكلما ازداد ماله يزداد كبراً ويزداد بغياً ويزداد عجباً بنفسه.
ثم هي قصة الدنيا التي تزهو وتعجب الناظرين، فيتمنى الناس ما في هذه الدنيا من زينة ثم عاقبة هذه الدنيا الزائفة إلى الفناء وإلى الزوال كما قال عز وجل عن قارون:{فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ الأَرْضَ فَمَا كَانَ لَهُ مِنْ فِئَةٍ يَنصُرُونَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَمَا كَانَ مِنَ المُنْتَصِرِينَ}[القصص:٨١].
ولكن أهل العلم لا يغترون بزينة الدنيا، ويعلمون أن الآخرة هي الحيوان، وأن الدنيا عرض زائل.
قصة قارون التي قصها الله عز وجل علينا في كتابه في خاتمة سورة القصص بقوله سبحانه وتعالى:{إِنَّ قَارُونَ كَانَ مِنْ قَوْمِ مُوسَى}[القصص:٧٦]، قيل: كان ابن عم موسى، وقيل: كان عمه لأبيه وأمه، وهناك قول: بأنه كان من قومه الذين أرسل بالدعوة إليهم؛ أي: كان من قبط مصر، فآتاه الله عز وجل {مِنَ الْكُنُوزِ مَا إِنَّ مَفَاتِحَهُ لَتَنُوءُ بِالْعُصْبَةِ أُولِي الْقُوَّةِ}[القصص:٧٦]؛ أي: أن مفاتيح الكنوز تثقل على الجماعة الكبيرة ذات القوة أن يحملوها، وقيل: خزائنه تنوء بالعصبة أولي القوة.