[بيان غزوة بني قريظة وما حصل للمسلمين من تأييد بعد غزوة الأحزاب]
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً.
هذه آيات من الله عز وجل، إذ سجّل الله عز وجل لنا ما حدث مع النبي صلى الله عليه وآله وسلم؛ من أجل أن يثبت المؤمنين في كل زمان ومكان، وكيف أن الكافرين رجعوا بصفقة المغبون، ورد الله عز وجل كيدهم إلى نحورهم، وأنزل الذين ظاهروهم -أي: من يهود بني قريظة- من صياصيهم -أي: من قلاعهم وحصونهم- {وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ فَرِيقًا تَقْتُلُونَ وَتَأْسِرُونَ فَرِيقًا}[الأحزاب:٢٦]، وذلك لما أرسل الله عز وجل على الأحزاب الكافرة ريحاً تخلع خيامهم وتكفأ قدورهم، ولا تدع لهم قدراً ولا شيئاً إلا أذهبته ببركة دعوة النبي صلى الله عليه وآله وسلم:(اللهم منزل الكتاب مجري السحاب اللهم اهزمهم وزلزلهم) فدعا النبي صلى الله عليه وآله وسلم على الأحزاب الكافرة، وتذكر بعض روايات السير إسلام نعيم بن مسعود وكيف أنه سعى في الوقيعة بين اليهود والأحزاب الكافرة، ولكن ذلك لم يرد بسند صحيح، والصحيح: أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم دعا ربه: (اللهم منزل الكتاب مجري السحاب اهزمهم وزلزلهم) فأرسل الله عز وجل ملائكة تزلزل قلوبهم وتلقي الرعب في نفوسهم، وأرسل ريحاً شديدة لا يستقر لها شيء، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم:(نُصرت بالصبا وأُهلكت عاد بالدبور) والصبا: هي الريح الشرقية.
فالله عز وجل هو الذي أعز جنده ونصر عبده وهزم الأحزاب وحده، إذ أن قدرة المسلمين ضعيفة وإمكانياتهم ضعيفة، ولكن الله عز وجل من فوق سبع سماوات يمكر بالكافرين، فأرسل عليهم ريحاً شديدة تخلع خيامهم وتكفأ قدورهم وملائكة تزلزل قلوبهم، قال تعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَاءَتْكُمْ جُنُودٌ فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا وَجُنُودًا لَمْ تَرَوْهَا وَكَانَ اللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرًا}[الأحزاب:٩].