[انتشار جيوش وسرايا المسلمين في الجزيرة بعد غزوة الأحزاب]
بعد أن أجلى الله عز وجل يهود بني قريظة عن مدينة رسوله إلى غير عود قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم:(الآن نغزوهم ولا يغزونا)، وكانت هذه من علامات النبوة، فما قصد المشركون بعد ذلك مدينة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، بل كانت الجيوش والسرايا تخرج من المدينة تفتح البلاد، وتفتح قلوب العباد بدعوة الإسلام، فكان بعد ذلك في السنة الثالثة صلح الحديبية، ثم كان الفتح الأعظم فتح مكة في رمضان من السنة الثامنة، ثم كانت السنة التاسعة هي سنة انتشار الإسلام في جزيرة العرب، وخرج النبي صلى الله عليه وسلم بجيش قوامه ثلاثون ألفاً -والعرب ليس لها طاقة بمحاربة جيش قوامه ثلاثون ألفاً- قاصداً شمال الجزيرة من أجل مقابلة الروم وحربهم، ففروا أمام جحافل الإسلام، وبعضهم صالح النبي صلى الله عليه وسلم على الجزية، وكان هذا العام -التاسع- عام انتشار الإسلام في جزيرة العرب، وأتت الوفود إلى مدينة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقرون بالإسلام، أو يُعطون الجزية عن يد وهم صاغرون، ثم كان في نهاية العام العاشر وبداية العام الحادي عشر حجة الوداع، وفي الثاني عشر من ربيع الأول من السنة الحادية عشرة من الهجرة توفي النبي صلى الله عليه وسلم، بعد أن دخل الناس في دين الله أفواجاً، وجاء نصر الله والفتح، وبعد أن أعطى النبي صلى الله عليه وسلم الصحابة الكرام دفعة قوية، أضاءوا بها الدنيا وكسروا بها كسرى، وقصموا بها قيصر، وتحركت شمس الإسلام تنير المعمورة من الأرض، حتى دق المسلمون أبواب فيينا في أوروبا، ووصلوا إلى حدود الصين، هذه هي الفتوحات الإسلامية الأولى.