لما نصح المؤمنون قارون بأن يبتغي فيما آتاه الله الدار الآخرة، وأن يحسن في ماله، نصحوه بعموم الإحسان في كل شيء، الإحسان في عبادته لله عز وجل، والإحسان إلى والديه، والإحسان إلى جيرانه، والإحسان إلى جميع الخلق:{وَأَحْسِنْ كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ}[القصص:٧٧].
ثم نهوه عن البغي والفساد في الأرض:{وَلا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الأَرْضِ إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ}[القصص:٧٧].
فكانت نصيحة جامعة مانعة عباد الله، فما كان رد قارون الذي أعماه ماله، قال:{قَالَ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِندِي}[القصص:٧٨].
أي: أنه نسب النعمة إلى نفسه، أو لعله قال: إن الله عز وجل أعطاني هذه النعمة.
لعلمه بشرفي وكرامتي، ولأني أستحق هذه النعمة؛ ولذلك قال الله عز وجل:{أَوَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ قَدْ أَهْلَكَ مِنْ قَبْلِهِ مِنَ القُرُونِ مَنْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُ قُوَّةً وَأَكْثَرُ جَمْعًا}[القصص:٧٨].
أي: أن الله عز وجل أهلك من هو أشد قوة منه وأكثر مالاً منه، فلو كان إعطاء المال والنعمة، وإعطاء الجاه والسلطان علامة على رضا الله عز وجل، فكيف أهلك الله عز وجل من قبله من القرون من هو أشد منه قوة وأكثر جمعاً:{وَلا يُسْأَلُ عَنْ ذُنُوبِهِمُ الْمُجْرِمُونَ}[القصص:٧٨].