ثم بين الله عز وجل كيف أنه خلق الإنسان، وكيف أنه عز وجل وظف عليه الكرام الكاتبين، فقال الله عز وجل:{وَلَقَدْ خَلَقْنَا الإِنْسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ}[ق:١٦].
فالله عز وجل يعلم ما توسوس به نفس الإنسان، ويعلم السر وأخفى، والله عز وجل أقرب إلى أحدنا من حبل الوريد، فقيل: أقرب بملائكته، وقيل: أقرب بصفاته، فهو أقرب بعلمه وبسمعه وببصره، {وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ}[ق:١٦].
والله عز وجل يحول بين المرء وقلبه، قيل: يحول بين الكافر وبين الإيمان، وبين المؤمن وبين المعصية التي تجره إلى الكفر والعصيان، {وَحِيلَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ مَا يَشْتَهُونَ}[سبأ:٥٤].
قال عطاء بن أبي رباح: كان من مضى من السلف يكرهون فضول الكلام، وكانوا يعدون فضول الكلام ما عدا كلام الله عز وجل، أو كلام رسوله صلى الله عليه وسلم، أو أن ينطلق أحدهم في أمر معيشته، أتنكرون أن عليكم حافظين كراماً كاتبين، {عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ قَعِيدٌ * مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ}[ق:١٧ - ١٨] عتيد أي: مستعد متيقظ، فهو يحصي على العباد الأقوال من الحسنات والسيئات، فملك اليمين يكتب الحسنات، وملك الشمال يكتب السيئات.