يعني: يذكرهم بأنهم الآن ظاهرون في الأرض، وهذا الظهور ظهور وقتي، ويذكر أيضاً بأن الدولة التي تحارب الدين يؤذن بزوالها.
قال ابن كثير: يحذرهم أن يسلموا هذا الملك العزيز، فإنه ما تعرضت الدولة للدين إلا سلبوا ملكهم، فأي دولة تحارب شرع الله لابد أن تزول وأن تذل بعد عز، ولكن الله عز وجل يقول في الحديث القدسي:(من عادى لي ولياً فقد آذنته بالحرب) يعني: يعادي ولياً واحداً من أولياء الله، فالله تعالى يؤذنه -أي: يعلمه- أنه محارب له، فكيف إذا عادوا كل أولياء الله وكل الدعاة إلى الله عز وجل، وإذا حاربوا دين الله عز وجل جهاراً نهاراً لابد أن يزول ملكهم، وتزلزل عروشهم.
يقول: وكذا وقع لآل فرعون، مازالوا في شك وريب ومخالفة ومعاندة لما جاءهم موسى به، حتى أخرجهم الله مما كانوا فيه من الملك والأملاك والدور والقصور والنعمة والحبور، ثم حولوا البحر مهانين، ونقلت أرواحهم بعد العلو والرفعة إلى أسفل سافلين، يعني: الأجسام بالغرق والأرواح بالحرق، نقلت الأرواح إلى النار، وأغرق الله الأجساد.
ولهذا قال هذا الرجل المؤمن المصدق البر الراشد التابع للحق الناصح لقومه الكامل العقل:{يَا قَوْمِ لَكُمُ الْمُلْكُ الْيَوْمَ ظَاهِرِينَ}[غافر:٢٩] أي: عالين على الناس حاكمين عليهم.
قال تعالى:{فَمَنْ يَنصُرُنَا مِنْ بَأْسِ اللَّهِ إِنْ جَاءَنَا}[غافر:٢٩] أي: لو كنتم أضعاف ما أنتم فيه من العدد والعدة، والقوة والشدة لما نفعنا ذلك، ولا رد عنا بأس مالك الممالك.
حين ضرب زلزال تركيا أسقط مائة ألف بيت معمور في أقل من دقيقة، فمن يستطيع أن يقف أمام بأس الله عز وجل، وأمام أخذه؟ لا يمكن أن يكون هناك من يدفع بأس الله عز وجل.
وهذا قارون خسف به وبداره الأرض، وابتلعته الأرض بأمواله وخزائنه، فما وجد فئة تنصره من دون الله وما كان من المنتصرين.