للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[التفكر في مخلوقات الله]

من أسباب نماء شجرة الإيمان كذلك: التفكر في مخلوقات الله، وقد نهانا الله عز وجل أن نتفكر في ذاته؛ لأن الله عز وجل لا يحاط به علماً؛ ولأن العقول قاصرة لا يمكن أن تحيط بالله عز وجل، فيخشى على العقل أن يتلف إذا تفكر في ذات الله عز وجل لعظمته سبحانه، ولكن لو تفكرنا في مخلوقات الله فإن هذا مما يدعونا إلى زيادة الإيمان بعظمة الله عز وجل وقدرته، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث: (لا تتفكروا في الله، وتفكروا في مخلوقات الله، فإن الله خلق ملكاً قدماه في الأرض السابعة السفلى، ورأسه قد جاوز السماء العليا، فبين ركبتيه إلى عقبيه مسيرة ستمائة عام، وما بين عقبيه إلى أخمص قدميه مسيرة ستمائة عام، والخالق أعظم من المخلوق).

فكيف تتصور خلقاً بهذه الصورة؟ وهذا ملك من ملائكة الله عز وجل من حملة العرش كما ورد في الحديث الآخر: (أذن لي أن أتحدث عن ملك من ملائكة الله من حملة العرش ما بين شحمة أذنه إلى عاتقه تخفق الطير خمسمائة عام)، تطير الطير خمسمائة عام ما بين شحمة أذنه إلى عاتقه -أي: كتفه- فكيف بارتفاع هذا الملك؟ وكيف تتصور مخلوقاً بهذه العظمة؟ وكيف بالخالق عز وجل؟! فأمرنا الله عز وجل أن نتفكر في مخلوقاته، قال تعالى: {إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ لِأُولِي الأَلْبَابِ * الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ} [آل عمران:١٩٠ - ١٩١].

وقال عز وجل: {وَفِي الأَرْضِ آيَاتٌ لِلْمُوقِنِينَ * وَفِي أَنفُسِكُمْ أَفَلا تُبْصِرُونَ} [الذاريات:٢٠ - ٢١]، فالعبد إذا تفكر في مخلوقات الله فإنه يزداد إيماناً بعظمة الله عز وجل.