للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[آثار عن السلف الصالح في الصبر والرضا]

آثار عن السلف الصالح رضي الله عنهم في الصبر والرضا: قال سفيان بن عيينة في قوله تعالى: {وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ} [السجدة:٢٤] قال: لما أخذوا برأس الأمر جعلناهم رءوساً.

وقال عمر بن عبد العزيز: ما أنعم الله على عبد نعمة فانتزعها منه فعاضه مكانها الصبر إلا كان ما عوضه خيراً مما انتزعه.

وقال يونس بن زيد سألت ربيعة بن أبي عبد الرحمن - ربيعة الرأي شيخ الإمام مالك -: ما منتهى الصبر؟ قال: أن يكون يوم أن تصيبه المصيبة مثل قبل أن تصيبه.

وقال فضيل بن عياض في قوله تعالى: {سَلامٌ عَلَيْكُمْ بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ} [الرعد:٢٤].

قال: صبروا على ما أمروا به، وصبروا عما نهوا عنه.

وقالوا: الحيلة فيما لا حيلة فيه الصبر.

وقالوا: من لم يصبر على القضاء فليس لحمقه دواء.

وقال أبو الدرداء رضي الله عنه: إن الله عز وجل إذا قضى قضاءً أحب أن يُرضى به.

وقال أبو عبد الله البراثي: من وهب له الرضا فقد بلغ أقصى الدرجات.

وقالت رابعة: إن الله عز وجل إذا قضى لأوليائه قضاءً لم يتسخطوا.

وقتل لبعض الصالحين ولد في سبيل الله عز وجل فقيل له: أتبكي وقد استشهد؟ فقال: إنما أبكي كيف كان رضاه عن الله عز وجل حين أخذته السيوف.

وقال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: إن الله تعالى بقسطه وعلمه جعل الروح والفرح في اليقين والرضا، وجعل الهم والحزن في الشك والسخط.

وقال علقمة في قوله تعالى: {وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ} [التغابن:١١]: هي المصيبة تصيب الرجل فيعلم أنها من عند الله فيسلم لها ويرضى.

وقال أبو معاوية الأسود في قوله تعالى: {فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً} [النحل:٩٧] قال: الرضا والقناعة، يعني: أن هذه الحياة الطيبة هي الرضا والقناعة.

ونظر علي بن أبي طالب رضي الله عنه إلى عدي بن حاتم كئيباً فقال: يا عدي! من رضي بقضاء الله جرى عليه وكان له أجر، ومن لم يرض بقضاء الله جرى عليه وحبط عمله.

وقال عمر بن عبد العزيز: ما بقي لي سرور إلا في مواقع القدر.

وقيل له: ما تشتهي؟ قال ما يقضي الله عز وجل.

وقال الحسن: من رضي بما قسم له وسعه وبارك الله له فيه، ومن لم يرض لم يسعه ولم يبارك له فيه.

وقال بعضهم: من لم يرض بالقضاء فليس لحمقه دواء.

وأصبح أعرابي وقد ماتت له أباعر كثيرة، فقال: لا والذي أنا عبد في عبادته لولا شماتة أعداء ذوي أحن ما سرني أن إبلي في مباركها وأن شيئاً قضاه الله لم يكن وقال حفص بن حميد: كنت عند عبد الله بن المبارك بالكوفة حين ماتت امرأته، فسألته: ما الرضا؟ قال: الرضا ألا يتمنى خلاف حاله.

يعني: أن الإنسان لا يأسف على شيء فاته أو يتمنى أن يكون على غير ما هو فيه، فقال: الرضا: ألا يتمنى خلاف حاله.

فجاء أبو بكر بن عياش فعزى ابن المبارك، قال حفص: ولم أعرفه.

فقال عبد الله: سله عما كنا فيه، فسألته فقال: من لم يتكلم بغير الرضا فهو راض.

يعني: أن الإنسان الذي كلامه كله فيه استسلام وقبول لقضاء الله عز وجل فهو راض.

قال حفص: وسألت الفضيل بن عياض فقال: ذاك للخواص.

قال قادم الديلمي العابد: قلت للفضيل بن عياض: من الراضي عن الله؟ قال الذي لا يحب أن يكون على غير منزلته التي جعل فيها.

ونحن عندما نذكر أمثلة في الصبر والرضا نذكر ذلك من أجل أن تعرفوا حقيقة الرضا، وكيف أن الإنسان لا يختار إلا ما اختاره الله عز وجل له وإن كان هو من المصائب.

وقال أبو عبد الله البراثي: لم ير أرفع درجات من الراضين عن الله عز وجل على كل حال.