ومن تلك المواقف أيضاً موقف سعد بن أبي وقاص: لما قدم سعد بن أبي وقاص مكة وقد كان كف بصره جاءه الناس يهرعون إليه كل واحد يسأله أن يدعو له، فيدعو لهذا ولهذا، وكان مجاب الدعوة.
قال عبد الله بن السائب: فأتيته وأنا غلام، فتعرفت إليه فعرفني، وقال: أنت قارئ أهل مكة؟ قلت: نعم فذكر قصة قال في آخرها: فقلت له: يا عم! أنت تدعو للناس، فلو دعوت لنفسك فرد الله عليك بصرك، فتبسم وقال: يا بني! قضاء الله سبحانه عندي أحسن من بصري.
فهذا حال الرضا من الإنسان يرضى بالحال التي هو فيها، ويطمع في ثوابها، ولا يتمنى زوالها.
فالعبد لا يصل إلى درجة إجابة الدعاء إلا بعد مجاهدة عظيمة وتحبب وتقرب إلى الله عز وجل، فترتفع رتبة العبد بالطاعة وكثرة النوافل فيصير في درجة تؤهله إن سأل الله عز وجل أعطاه، وإن استعاذ بالله عز وجل أعاذه.
والعبد يصل مع ذلك إلى درجات عالية من المحبة والرضا والتعظيم لأمر الله عز وجل، كما قال بعضهم: أحبه إليه أحبه إلي.