[ضرورة معرفة مكائد الشيطان ومصائده والحذر من وساوسه ودسائسه]
السبب الخامس من أسباب التقوى: أن تعلم مكائد الشيطان ومصائده، وأن تحذر من وساوسه ودسائسه، وأن تتخذ الشيطان عدواً كما أمرك الله عز وجل: {إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا} [فاطر:٦]، لا تتخذه صديقاً ولا حميماً ولا ناصحاً أميناً، بل تتخذه عدواً كما أمرك الله عز وجل، والشيطان يقف لابن آدم عند سبع عقبات: عند عقبة الكفر فإن أسلم وسلم، وعند عقبة البدعة فإن لم يجبه وقف له عند عقبة الكبيرة، ثم عند عقبة الصغيرة، ثم يشغله بالعمل المباح، ثم يشغله بالعمل المفضول عن الفاضل؛ فإن خالفه في كل هذه العقبات وسلم منه فإنه لا يسلم منه في العقبة السابعة، وهو أن يسلط عليه أولياءه من شياطين الجن والإنس بألوان الأذى، ولو سلم من ذلك أحد لسلم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.
فينبغي للعبد إذا وسوست له نفسه بالمعصية أن يستعيذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم، وأن يدافع الخطرات، كما قال ابن القيم: دافع الخطرة، فإن لم تفعل صارت فكرة فدافعها، فإن لم تفعل صارت إرادة فحاربها، فإن لم تفعل صارت عزيمة فحاربها؛ فإن لم تفعل صارت فعلاً.
فالعبد ينبغي له أن يشغل نفسه دائماً بطاعة الله عز وجل حتى لا يكون محلاً للوساوس، كما قال ابن القيم رحمه الله: إذا غفل القلب ساعة عن ذكر الله جثم عليه الشيطان، وأخذ يعده ويمنيه، فمهما كان العبد مشغولاً بالطاعة والعبادة لا يكون عند ذلك محلاً للوساوس.
فينبغي أن يشغل العبد نفسه دائماً بطاعة الله، وأن يكون دائماً مع الله عز وجل، قال تعالى: {قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * لا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ} [الأنعام:١٦٢ - ١٦٣]؛ فإن حصلت منه غفلة ووسوس له الشيطان بمعصية؛ فينبغي له أن يتذكر الاستعاذة فيحتمي بجناب الله العظيم من الشيطان الرجيم، ثم ينبغي له أن يتحصن بالتحصينات الشرعية، ومن ذلك: أن يقرأ آية الكرسي عند النوم، والآيتين من آخر سورة البقرة.
ومن ذلك في أذكار الصباح: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير.
ومن ذلك: أن يقرأ سورة البقرة، أو تقرأ في بيته، فإن البيت الذي تقرأ فيه سورة البقرة يفر منه الشيطان.
ومن ذلك: أن يحافظ على أذكار الوضوء دائماً، وتجربته تغني عن الاستدلال له.
ومن ذلك: أن يترك فضول الكلام، وفضول النظر، وفضول المخالطة.
فهذه أسباب خمسة إذا عمل بها العبد فإنه يصل بإذن الله إلى تقوى الله عز وجل: أولاً: محبة لله عز وجل تغلب على القلب يدع له كل محبوب، ويضحي في سبيلها بكل مرغوب.
ثانياً: أن يستشعر في قلبه مراقبة الله عز وجل والخوف منه.
الثالث: أن يعلم ما في سبيل المعاصي والآثام من الشرور والآلام.
الرابع: أن يعرف كيف يخالف هواه ويطيع مولاه.
الخامس: أن يدرس مكائد الشيطان ومصائده، وأن يحذر من وساوسه ودسائسه.
أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم.
وصلى الله وسلم وبارك على محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً.