إذا ما الليل أقبل كابدوه فيسفر عنهم وهم ركوع أطار الخوف نومهم فقاموا وأهل الأمن في الدنيا هجوع وبعد أن وصف ليلهم ونهارهم، وأن ليلهم خير ليل، ونهارهم خير نهار، قال عز وجل:((وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا اصْرِفْ عَنَّا عَذَابَ جَهَنَّمَ إِنَّ عَذَابَهَا كَانَ غَرَامًا))، فهم على الخوف من الله عز وجل، فيدعون الله عز وجل بأن يصرف عنهم عذاب جهنم، فهم في النهار في سكينة ووقار وبغير جبرية ولا استكبار، كما قال الحسن البصري: إن المؤمنين قومٌ ذلت والله منهم الأسماع والأبصار والجوارح حتى يحسبهم الجاهل مرضى وإنهم والله الأصحاء، ولكن دخلهم من الخوف ما لم يدخل غيرهم، ومنعهم من الدنيا علمهم بالآخرة، أما والله ما أحزنهم ما أحزن الناس، ولا تعاظم في قلوبهم شيء طلبوا به الجنة، إنه من لم يتعز بعزاء الله تقطعت نفسه على الدنيا حسرات، ومن لم ير لله عليه نعمة في غير مطعم أو مشرب فقد قل علمه وحضر عذابه.
والحسن البصري رحمه الله قيل: كان كلامه يشبه كلام الأنبياء.
فعباد الرحمن ليلهم خير ليل، ونهارهم خير نهار، ومع ذلك هم على الخوف يقولون:((رَبَّنَا اصْرِفْ عَنَّا عَذَابَ جَهَنَّمَ إِنَّ عَذَابَهَا كَانَ غَرَامًا)) أي: ملازماً.