للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[شرح قوله في الحديث (اللهم إني أسألك خشيتك في الغيب والشهادة)]

ثم قال: (اللهم إني سألك خشيتك في الغيب والشهادة)، وهذا من المقطوع به أنه من الخير، فلذلك لم يعلقه بعلم الله عز وجل بالغيب وقدرته على الخلق، بل قال: (اللهم إني أسألك خشيتك في الغيب والشهادة).

ومحك الخشية الحقيقية لله عز وجل في الغيب، وإن كانت الخشية ممدوحة في كل وقت، قال تعالى: {وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ} [الرحمن:٤٦]؛ لأن خشية الله عز وجل هي التي تدفع العبد لكل خير، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: (أنا أعلمكم بالله وأشدكم له خشية)، فكلما ازدادت خشية العبد لله عز وجل ازداد له طاعة وابتعد عن معصيته عز وجل.

قال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: كفى بخشية الله علماً، وكفى بالاغترار بالله عز وجل جهلاً.

وقيل للشعبي: من العالم؟ قال: إنما العالم من يخشى الله، {إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ} [فاطر:٢٨].

والمحك الحقيقي -عباد الله- أن تخشى الله عز وجل بالغيب، {إِنَّ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ} [الملك:١٢]، لأن العبد قد يترك الذنب أمام الناس، وقد يجتهد في الطاعة أمام الناس، رجاء مدحهم أو هرباً من ذمهم، فالخشية الحقيقية هي الخشية في الغيب.