[حاجة العبد إلى الثبات على الدين]
فإذا كنز الناس الذهب والفضة فما هي وصية رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ وما الواجب على المؤمن أن يكنزه؟ قال: (فليكنز أحدكم هذه الكلمات: اللهم إني أسألك الثبات في الأمر، والعزيمة على الرشد)، والثبات في الأمر أي: على الطاعة والتمسك بدين الله عز وجل.
وكان النبي صلى الله عليه وسلم يكثر أن يقول: (يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك، يا مصرف القلوب والأبصار صرف قلبي على طاعتك) فينبغي على العبد أن يسأل الله عز وجل الثبات على الأمر، والأمر هو طاعة الله عز وجل، والتمسك بدين الله عز وجل.
والعبد يحتاج إلى الثبات على الأمر في ثلاثة مواضع: وهو في الدنيا يحتاج أن يسأل ربه الثبات على الأمر حتى يداوم على طاعة الله عز وجل.
قال الله عز وجل: {يَا أَيُّهَا الإِنسَانُ إِنَّكَ كَادِحٌ إِلَى رَبِّكَ كَدْحًا فَمُلاقِيهِ} [الانشقاق:٦].
وقال الله عز وجل: {مَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ اللَّهِ فَإِنَّ أَجَلَ اللَّهِ لَآتٍ} [العنكبوت:٥].
لم يدع الله عز وجل للمؤمن حداً دون الموت: {وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ} [الحجر:٩٩] فمن سار في طريق العبادة إلى الله عز وجل لا يقف، ولا يلتفت؛ لأنه لو فعل ذلك انقطع، فينبغي عليه أن يداوم على طاعة الله عز وجل، وكان أحب العمل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أدومه وإن قل، أحب العمل إلى الله عز وجل أدومه وإن قل، وكان عمل رسول الله صلى الله عليه وسلم ديمة، أي: إذا عمل شيئاً من الخير يداوم عليه، فالله عز وجل يحب أن يديم فضله، وأن يوالي إحسانه، فيحب من العبد أن يداوم على طاعة الله عز وجل حتى يدوم عليه الفضل من الله عز وجل، وحتى لا ينقطع عنه الخير من الله عز وجل.
فيحتاج العبد إلى الثبات على الأمر وهو في الدنيا، قال الله عز وجل: {إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا} [فصلت:٣٠] قال بعض السلف: الذين قالوا: (ربنا الله) كثير، والذين استقاموا قليل.
وكان الحسن إذا قرأ هذه الآية: {إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا} [فصلت:٣٠] يقول: اللهم أنت ربنا فارزقنا الاستقامة.
فالعبد يحتاج أن يتوكل على الله عز وجل، ويحتاج معونة الله عز وجل؛ حتى يستمر على الاستقامة، فكيف يأمن من أمره بيد غيره؟ {فَمَنْ يَمْلِكُ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا إِنْ أَرَادَ أَنْ يُهْلِكَ الْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ وَمَنْ فِي الأَرْضِ جَمِيعًا} [المائدة:١٧] كم هلك مثلك؟ قال أبو الدرداء: ما أهون العباد على الله عز وجل إذا عصوه.
وكان الحسن يكثر البكاء ويقول: أخاف أن يطرحني في النار ولا يبالي، أخاف أن يطرحني في النار ولا يبالي، أخاف أن يطرحني في النار ولا يبالي: {فَمَنْ يَمْلِكُ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا إِنْ أَرَادَ أَنْ يُهْلِكَ الْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ وَمَنْ فِي الأَرْضِ جَمِيعًا} [المائدة:١٧].
فينبغي على العبد أن يداوم على طاعة الله عز وجل، فهذا هو الثبات في الأمر، قال الله عز وجل: {وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُوا مَا يُوعَظُونَ بِهِ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ وَأَشَدَّ تَثْبِيتًا * وَإِذًا لَآتَيْنَاهُمْ مِنْ لَدُنَّا أَجْرًا عَظِيمًا * وَلَهَدَيْنَاهُمْ صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا * وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُوْلَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُوْلَئِكَ رَفِيقًا * ذَلِكَ الْفَضْلُ مِنَ اللَّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ عَلِيمًا} [النساء:٦٦ - ٧٠].
فالعبد إذا فعل ما أمر الله عز وجل به وما أمر به رسوله صلى الله عليه وسلم فهو على خير، قال تعالى: {وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُوا مَا يُوعَظُونَ بِهِ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ وَأَشَدَّ تَثْبِيتًا} [النساء:٦٦]، فالعبد إذا أطاع الله عز وجل ثبته الله عز وجل على طاعته، ومن أدخل أسباب الفتنة على نفسه أولاً لم ينج آخراً وإن كان جاهلاً، فمن تهاون في تنفيذ أوامر الله ومن عصا الله عز وجل فقد أسباب الثبات.
قال عز وجل: {وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُوا مَا يُوعَظُونَ بِهِ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ} [النساء:٦٦] أي: في الدنيا والآخرة، {وَأَشَدَّ تَثْبِيتًا} [النساء:٦٦] على طاعة الله عز وجل وعلى طريق الله عز وجل.
وقال عز وجل: {وَيَزِيدُ اللَّهُ الَّذِينَ اهْتَدَوْا هُدًى} [مريم:٧٦].
وقال سبحانه: {وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدًى وَآتَاهُمْ تَقْواهُمْ} [محمد:١٧].
فالله عز وجل يزيد أهل الإيمان إيماناً إذا اجتهدوا في طاعة الله عز و