من علامات صحة القلب: كثرة ذكر الله عز وجل؛ لأن القلوب -كما قيل- كالقدور وألسنتها مغارفها، فالقلب كالقِدر واللسان كالمغرفة، فإذا امتلأ القلب بحب الله عز وجل تحرك اللسان بالذكر والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والإصلاح بين الناس وغير ذلك.
وإذا امتلأ القلب بغير ذلك تحرك اللسان بما يناسبه، فالقلوب كالقدور وألسنتها مغارفها.
قال بعض السلف: المحب طائر القلب، كثير الذكر، متسبب إلى الله عز وجل بكل سبيل من الوسائل والنوافل دأباً وشوقاً.
وقالوا: المحب لا يجد لدنيا لذة، ولا يفتر لسانه عن ذكر الله عز وجل.
فالله تعالى لم يرخص في ترك الذكر في حال من الأحوال حتى عند لقاء العدو، فقد رخص الله الإفطار في رمضان، والقصر الصلاة، ولكنه لم يرخص الله عز وجل في ترك الذكر، فقال:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ}[الأنفال:٤٥]؛ لأن الذكر عند الشدة علامة المحبة.
قال عنترة: ولقد ذكرتك والرماح كأنها أشطان بئر في لبان الأدهم فهو يشير إلى شدة حبه بأنه ذكر محبوبته والرماح في صدر الأدهم -أي: في صدر- فرسه، كالحبال التي تتدلى في البئر.