للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ابن السبكي، فإنَّ في هذا إبقاء الحديث على ظاهره واللَّفظ على مدلوله وموضوعه.

والحاصل أنَّ لأهل البيت إطلاقات، أخصَّها انصرافه إلى بني هاشم والمطَّلب وهم الآل الذين تحرم عليهم الزّكاة بالأصالة، والثاني شموله لأزواجه - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أيضًا، وهو (١) أعمّ من الأوّل، والثالث شموله لمطلق الذريّة وإن لم يثبت لهم النّسب، كأولاد البنات وإن سفلن، ولمطلق القرابة سواء كانت من قبل الرّجال أم من قبل النّساء، وهذا أعمّ من الأوّلين، والرَّابع شموله للموالي أيضًا وهو أعمّ من الثلاثة، وهذان الأخيران تخرّج (٢) عليهما هذه الرّواية التي نحن في تقريرها. ويؤيّد ما ذكرناه من أنَّ لأهل البيت إطلاقات، أنَّه ورد عن زيد بن أرقم أنَّه قال نساؤه من أهل بيته، وسئل مرّة أخرى من أهل بيته؟ قال: بلى إنَّ نساءه من أهل بيته ولكن أهل بيته الذين ذكرهم، من حرموا الصدقة بعده وهم آل علي وآل عقيل وآل جعفر وآل العباس، أخرجه مسلم، ثمَّ قال باب الدّليل على أن أزواجه - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - من أهل بيته في الصَّلاة عليهنّ، وأورد فيه حديث أبي هريرة عن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: "من سرّه أن يكتال بالمكيال الأوفى إذا صلَّى علينا أهل البيت، فليقل اللهم صلّ على محمد النبيّ وأزواجه وذريّته وأهل بيته، كمّا صلّيت على إبراهيم إنّك حميد مجيد" أخرجه أبو داود، وقال البيهقي: فكأنَّه - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أفرد أزواجه وذريّته بالذكر على وجه التّأكيد، ثمَّ رجع إلى التّعميم ليدخل فيها غير الأزواج والذرية من أهل البيت.

قلت: والحديث المذكور صريح في أنَّ مطلق الذرية يطلق عليهم أهل البيت، فيشمل كلّ ولد من نسله، سواء نسب إليه كأولاد البنين أو كأولاد البنات كما هو مدلول لفظ الذريّة، وقد قال الفقهاء: لو وقف على أولاده وأولاد أولاده وذريّته ونسله وعقبه، دخل أولاد البنات وإن لم ينسبوا إليه، وفي التنزيل {وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِ دَاوُودَ} إلى قوله: {وَعِيسَى}، ومعلوم أنَّ عيسى ابن بنت.


(١) في أ: "وهم".
(٢) في أ: "يخرّج".

<<  <  ج: ص:  >  >>