للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هذا ما تحرّر والله أعلم، وقال الحاكم سمعت الشيخ أبا الوليد حسَّان بن محمد الفقيه يقول: كنَّا في مجلس القاضي أبي العباس بن سريج فقام إليه شيخ من أهل العلم فقال: أَبْشِر أيها القاضي فإنَّ الله يبعث على رأس كلّ مائة سنة من يجدّد لهذه الأمّة أمر دينها، وإنَّه بعث على رأس المائة عمر بن عبد العزيز، وبعث على رأس المائتين الشّافعي، وبعثك على رأس الثلاثمائة ثمَّ أنشأ يقول:

اثنان قد مضيا فبورك فيهما ... عمر الخليفة ثمّ حلف السؤدد

الشّافعي الألمعي محمد ... إرث النبوَّة وابن عمّ محمد

أبشر أبا العباس إنَّك ثالث ... من بعدهم سقيا لنوبة (١) أحمد

فصاح ابن سريج وبكى وقال: لقد نعى إليَّ نفسي، فمات في تلك السنة. قال الحاكم: رويت أنا هذه الحكاية كتبوها، وكان ممَّن كتبها شيخ أديب فقيه، فلمَّا كان في المجلس الثاني قال لبعض الحاضرين: إنَّ هذا الشيخ قد زاد في تلك الأبيات ذكر أبي الطيب سهل بن محمد وجعله على رأس الأربع مائة فقال:

والرَّابع المشهور سهل محمد ... أضحى إمامًا عند كلّ موحّد

تأوي إليه المسلمون بأسرهم ... في العلم إن جا والخطب مؤيّد

لا زال فيما بيننا شيخ الورى ... للمذهب المختار خير مجدّد

قال الحاكم: فلمَّا سمعت هذه الأبيات المزيدة سكتّ ولم أنطق وغمَّني ذلك، إلى أن قدّر الله وفاته تلك السنة.

وقال أبو حفص عمر بن علي المطّوعي في كتاب المذهب في ترجمة الإمام سهل الصعلوكي: كان إمام الدّنيا بالإطلاق، وشافعي عصره بالإطباق وقد أنشد فيه بعض أهل عصره:


(١) كذا في أ، وفي ب: "لنونة" وفي ج: "لنبوه". والأبيات في طبقات الشافعية للسبكي ١/ ٢٠٢ (ط: هجر ١٤١٣ هـ - ١٩٩٢ م) وفيها تربة.

<<  <  ج: ص:  >  >>