الدجّال، ثم قضيّة أصحاب (١) الكهف فيها عبر تناسب العصمة من الفتن، وذلك أن الله تعالى حكى عنهم أنَّهم قالوا:{رَبَّنَا آتِنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً وَهَيِّئْ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا رَشَدًا}، فهؤلاء قوم ابتلوا فصبروا وسألوا إصلاح أحوالهم فأصلحت لهم، وهذا تعليم لكلّ مدعوّ إلى الشرك، ومن روى من آخر الكهف، فلما في قوله:{أَفَحَسِبَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنْ يَتَّخِذُوا عِبَادِي مِنْ دُونِي} إلى آخر السورة، من المعاني المناسبة لحال الدجّال ولما في قوله: {وَعَرَضْنَا جَهَنَّمَ يَوْمَئِذٍ لِلْكَافِرِينَ عَرْضًا (١٠٠)} فإن فيه ما يهوّن ما يظهره الدجّال من ناره، وقوله:{الَّذِينَ كَانَتْ أَعْيُنُهُمْ فِي غِطَاءٍ عَنْ ذِكْرِي} تنبيه على أحوال تابعي الدجّال إذ قد عموا عن ظهور الآيات التي تكذّبه. انتهى.
وقال الشيخ سراج الدّين البلقيني: الحكمة في اختصاص هذه الآيات بهذه الفضيلة، أنَّه اجتمع فيها من التوحيد ونفي الإلهية عن غير الله، وتكذيب من كفر، ما لم يجتمع في غيرها، وذلك في قوله:{رَبُّنَا رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} الآية، نقلتُه من خط الشيخ وليّ الدّين العراقي في مجموع له، وقال الشيخ أكمل الدّين في شرح المشارق: قيل: يجوز أن يكون التخصيص بذلك لما فيها من ذكر التوحيد وخلاص أصحاب الكهف من شرّ الكفرة المتجبِّرة.