للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لأن يكتب ما يصدر منهم، فسمي منعه من ذلك رفعًا، فمن هذا الوجه يشارك هذا الاحتمال الاحتمال الأوّل، وفيما قبله يفارقه.

(حتى يستيقظ) قال السبكي: هو وقوله: "حتى يبرأ" و"حتى يكبر" غايات مستقبلة، والفعل المغيا بها وهو قوله: "رفع" ماض، والماضي لا يجوز أن تكون غايته مستقبلة، فلا تقول سرت أمس حتى تطلع الشمس غدًا، لأنّ مقتضى كون الفعل ماضيًا كون أجزاء المغيا جميعها ماضية، والغاية طرف المغيا، ويستحيل أن يكون المستقبل ظرفًا (١) للماضي لأنّ الآن (٢) فاصل بينهما، والغاية إمّا داخلة في المغيا فتكون ماضية أيضًا، وإمّا خارجة عنه مجاوزة له فيصحّ أن يكون الآن غاية للماضي، وإقا أن تكون منفصلة حتى يكون المنفصل المستقبل عن الماضي غاية له، فكيف قال: "رفع القلم عن الصبي حتى يبلغ"؟ قال: وهذا السؤال أنا حرّكته، وجوابه بالتزام حذف أو مجاز حتى يصحّ الكلام، فيحتمل أن يقدّر رفع (٣) القلم عن الصبي فلا يزال مرتفعًا حتى يبلغ، أو فهو مرتفع حتى يبلغ، فيبقى الفعل الماضي على حقيقته والمغيا محذوف، به ينتظم الكلام، ويحتمل أن يقال ذلك في الغاية وهو قوله: "حتى يبلغ" والمعنى حتى بلوغه لأنّ هذا إخبار عن حكم شرعي حكم الله به في الأزل، وأنّه رفع عن كلّ من ثبت له الصّبا في وقت ما حتى بلوغه، فيشمل ذلك من كان صبيًّا وبلغ في الماضي ومن هو صبي الآن ويبلغ في المستقبل ومن يصير صبيًّا ويبلغ بعد ذلك، وهذه الاحتمالات كلّها في التقدير إمّا في التجوّز في الفعل الثاني، أو الفعل الأول أو الحذف، راجعة إلى معنى واحد وهو الحكم برفع القلم إلى الغاية المذكورة، وقد روى ابن ماجه الحديث بلفظ: "يرفع" بصيغة الفعل المضارع فلا يرد السؤال على هذه الرواية.

(وعن الصبيّ) قال السبكي: قال الجوهري: الصبي: الغلام، وقال


(١) في ب: "طرفا".
(٢) في ج: "الأول".
(٣) في أ: "ورفع".

<<  <  ج: ص:  >  >>