للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

غيره: الولد في بطن أمّه يسمى جنينًا، فإذا ولد فصبيّ، فإذا فطم فغلام إلى سبع، ثمَّ يصير يافعًا إلى عشر، ثمّ حَزَوّرًا إلى خمسة عشر، والذي يقطع (١) به أنّه يسمّى صبيًّا في هذه الأطوار كلّها إلى البلوغ، وفي الحديث: "أتي النبي - صلى الله عليه وسلم - بصبيّ لم يأكل الطعام"، ويطلق (٢) على ما بعد العشر إلى البلوغ كقوله في هذا الحديث: "وعن الصبي"، قال: ثمَّ إنّ الرّفع يقتضي سبق وضح، وهو صحيح في النائم بلا إشكال، باعتباره (٣) وضح عليه قبل نومه، وفي المجنون قبل جنونه إذا سبق له حال تكليف، بخلاف الصبي فإنّه لم يكن القلم موضوعًا عليه حتّى يرفع إذ لا حالة تكليف له قبل ذلك.

قال: وجوابه أنّ هذا غير لازم، ونظيره قول يوسف عليه الصلاة والسلام: {إِنِّي تَرَكْتُ مِلَّةَ قَوْمٍ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ}، وهو لم يكن على تلك الملّة أصلًا، وكذا قول شعيب: {قَدِ افْتَرَيْنَا عَلَى اللَّهِ كَذِبًا إِنْ عُدْنَا فِي مِلَّتِكُمْ بَعْدَ إِذْ نَجَّانَا اللَّهُ مِنْهَا}، ومعلوم أنّ شعيبًا لم يكن على ملّتهم قطّ، وقد قال الحليمي وتبعه البيهقي: إن الأحكام إنّما نيطت (٤) بخمس عشرة سنة من عام الخندق، وقبل ذلك كانت تتعلّق بالتمييز، وإذا ثبت هذا، فيحتمل أن يكون المراد بالحديث انقطاع ذلك الحكم، وبيان أنَّه ارتفع التكليف عن الصبي وإن ميزّ حتى يبلغ، فيصحّ فيه أنَّه رفع بعد الوضح.

(حتى يكبر) قال السبكي: ليس فيها من البيان ولا في قوله: "حتى يبلغ" ما في الرواية الثالثة: "حتى يحتلم"، فالتمسّك بها أولى لبيانها وصحّة سندها، وقوله: "حتى يبلغ" مطلق والاحتلام مقيّد فيحمل عليه، فإنّ الاحتلام بلوغ قطعًا، وعدم بلوغ الخمسة عشر ليس ببلوغ قطعًا، قال: وشرط (٥) هذا الحمل ثبوت اللفظين عن النبي - صلى الله عليه وسلم -.


(١) في ب: "نقطع".
(٢) في ج: "فيطلق".
(٣) في أ: "باعتبار".
(٤) في ب: "أنيطت".
(٥) في ب: "وشرطا".

<<  <  ج: ص:  >  >>