للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن) الحديث قال الخطابي: تأويله على وجهين؛ أحدهما: أنّه خبر معناه النهي، أي: إذ هو مؤمن فلا يزن ولا يسرق ولا يشرب الخمر، فإنّ هذه الأفعال لا تليق بالمؤمنين (١) ولا تشبه أوصافهم، والآخر: أن هذا الكلام وَعيد لا يراد به الإيقاع، وإنما يقصد به الردع والزجر. قال؛ وقد روي في تأويله معنى آخر وهو مذكور في الحديث الذي بعده وهو (إذا زنى الرّجل خرج منه الإيمان (و) (٢) كان عليه كالظلّة) أي: السّحابة (فإذا أقلع رجع إليه الإيمان) قال عكرمة: قلت لابن عبّاس كيف ينزع منه الإيمان؟ قال: هكذا، وشبك بين أصابعه ثمّ زحزحها (٣)، فإن تاب عاد إليه هكذا وشبك بين أصابعه، رواه البخاري، وأخرج (٤) البيهقي في شعب الإيمان من طريق ابن عجلان عن القعقاع عن أبي صالح عن أبي هريرة، وسأله عن قوله - صلى الله عليه وسلم -: "لا يزني الزّاني وهو مؤمن" فأين يكون الإيمان منه؟ قال أبو هريرة: يكون هكذا عليه، وقال بكفيه فوق رأسه، فإن تاب ونزع رجع إليه، قال البيهقي: وإنما أراد والله أعلم قدر ما نقص بالزنا من إيمانه.

وأخرج البيهقي من طريق أبي زرعة عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: إن الإيمان سربال يسربله الله من يشاء، فإذا زنا العبد نزع منه سربال الإيمان, فإن تاب ردّ عليه. وأخرج من وجه آخر عن أبي زرعة عن أبي هريرة قال: الإيمان نزه، فمن زنا فارقه الإيمان, فمن لام نفسه وراجع راجعه الإيمان. وأخرج عن ابن عباس قال: إن العبد إذا زنا نزع منه


(١) في أ: "بالمؤمن".
(٢) غير موجود في سنن أبي داود المطبوع.
(٣) في أ: "زحرفها".
(٤) في ب: "وأخرجه".

<<  <  ج: ص:  >  >>