للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال: "من لم يوافقكم منهم فبيعوهم ولا تعذّبوا خلق الله". قال: وأمّا ضرب الدّواب فمباح لأنّها لا تتأدّب بالكلام، ولا تعقل معاني الخطاب كما يعقل الإنسان، وإنّما يكون تقويمها غالبًا بالضّرب، وقد ضرب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أو حرَّك بعيره (١) بمحجنه، ونخس جمل جابر حين أبطأ عليه.

(قلت: يا رسول الله، أخبرني عن الوضوء؟ قال: أسبغ الوضوء وخلِّل بين الأصابع وبالغ في الاستنشاق) زاد ابن القطان في رواية: "والمضمضة" وصحّحه.

(إلّا أن تكون صائما) قال الخطّابي: ظاهر قوله أخبرني عن الوضوء يقتضي الجواب عن جملة الوضوء، إلّا أنّه - صلى الله عليه وسلم - لمّا اقتصر في الجواب على تخليل الأصابع والاسنتشاق علم أنّ السائل لم يسأله عن حكم ظاهر الوضوء وإنّما سأله عمّا يخفى من حكم باطنه لأنّ غسل باطن الأنف غير معقول من نصّ الكتاب في الآية، ثمّ أوصاه بتخليل الأصابع لأنّ آخذ الماء قد يأخذه بجميع الكف وضمّ الأصابع بعضها إلى بعض يسدّ خَصاص (٢) ما بينها فربّما لم يصل الماء إلى باطن الأصابع، وكذلك هذا في باطن أصابع الرجل، لأنها ربما ركب بعضها بعضًا حتّى تكاد تلتحم، فقدّم له الوصاة بتخليلها، وأكّد القول فيها لئلّا يغفلها.

وقال الرّافعي: الاقتصار على ذكر هذه الخصال مع أن السائل سأل عن الوضوء، يجوز أن يكون من جهة الراوي، وقد بيّن النبي - صلى الله عليه وسلم - كيفية الوضوء بتمامها، وسبب اقتصاره عليها حاجته إلى بيانها عند الرواية (٣)، ويجوز أن يكون من النبيّ - صلى الله عليه وسلم - وقد عرف أنّ مقصد السائلين البحث عنها وإن أطلق لفظه في السؤال إمّا بقرينة حال أو بوحي وإلهام.


(١) في ج: "البعير".
(٢) الخَصاص: الفُرَج.
(٣) في ج: "الروية".

<<  <  ج: ص:  >  >>