للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

التخفيف، والمختار أنّ معناه غسل رأسه، ويؤيده رواية أبي داود في الحديث: "مَن غسل رأسه يوم الجمعة واغتسل (١)، وإنما أفرد الرأس بالذكر لأنّهم كانوا يجعلون فيه الدهن والخطمي ونحوهما، وكانوا يغسلونه أولًا ثم يغتسلون. قال: وذكر بعض الفقهاء "عسّل" بالعين المهملة وتشديد السين أي جامع، وهذا غلط غير معروف في روايات الحديث، وإنّما هو تصحيف. انتهى.

(وبكّر وابتكر) قال الخطّابي: زعم بعضهم أنّ معنى بكّر أدرك باكورة الخطبة وهي أوّلها، ومعنى ابتكر قدِم في الوقت. وقال ابن الأنباري: معنى بكّر تصدّق قبل خروجه، وتأوّل في ذلك ما روي في الحديث من قوله: "باكروا بالصدقة فإنّ البلاء لا يتخطّاها".

وقال النووي في شرح المهذّب: قال الأزهري يجوز في بكر التخفيف والتشديد، فمن خفف فمعناه خرج من بيته باكرًا، ومن شدّد معناه أتى الصلاة لأوّل وقتها، ويقال لأوّل الثمار: باكورة لأنّه جاء في أوّل وقت. قال: ومعنى "ابتكر" أدرك أوّل الخطبة كما يقال: ابتكر بكرًا إذا أنكحها لأوّل إدراكها، هذا كلام الأزهري، قال النووي: والمشهور بكّر بالتشديد ومعناه بكّر إلى صلاة الجمعة، وقيل: إلى الجامع، وابتكر أدرك أوّل الخطبة، وقيل هما بمعنى، جمع بينهما تأكيدًا، وقيل: بكّر راح في السّاعة الأولى، وابتكر فعل فِعْل المبتكرين من الصلاة والقراءة وسائر وجوه الطاعات، وقيل: معنى ابتكر فَعَل فِعْل المبكّرين وهو الاشتغال بالصلاة والذكر، حكاه الشيخ أبو حامد والقاضي أبو الطيب. ثمّ ذكر ما حكاه الخطّابي.

(ومشى ولم يركب) قال النّووي: حكى الخطّابي عن الأثرم أنّه للتّأكيد وأنّهما بمعنى، والمختار أنّه احتراز من شيئين؛ أحدهما: نفي توهّم حمل المشي على المضيّ والذهاب وإن كان راكبًا، والثاني: نفي الركوب بالكليّة


(١) سنن أبي داود ح ٣٤٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>