للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأخر (١)، بل على وجه النَّدب والإرشاد إلى الأولوية لما في إفراد اسم الله تعالى بالذكر من التعظيم اللَّائق بحاله، وهذا يرجع في الحقيقة إلى ما قاله أئمّة الأصول أوَّلا لكن بزيادة أنَّ ذلك ليس حتمًا، وحينئذٍ فلا تكون الواو مقتضية للترتيب. ورابعها: أن ذلك الإنكار كان مختصًّا بذلك الخطيب، وكأنّ النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فهم عنه أنَّه لم يجمع بينهما في الضمير إلَّا لتسوية بينهما في المقام، فقال له: "بئس الخطيب أنت"، فيكون ذلك مختصًّا بمن كان حاله كذلك. ولعلّ هذا الجواب هو الأقوى لأنَّ هذه القصّة واقعة عين، وما ذكرناه محتمل ويؤثّر هذا الاحتمال فيها أن تحمل على العموم في حقّ كلّ أحد، فإذا انضمّ إلى ذلك حديث أبي داود الذي علّم فيه النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أمّته كيفية خطبة الحاجة، وفيها "ومن يعصهما" بضمير التثنية قوي ذلك الاحتمال، وهذا مثل ما قيل في قوله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "لا تفضّلوني على موسى" مع قوله: "أنا سيِّد ولد آدم"، فقيل في الجمع بينهما وجوه، منها أنَّ الذي منعه من التفضيل فهم منه غضًّا من منصب موسى عليه السلام عند التفضيل عليه فمنعه منه، فيكون ذلك مختصًّا بمن هو مثل حاله، والعلم عند الله تعالى.

(غوى) روي بفتح الواو وكسرها، قال عياض: والصواب الفتح.

(قصدًا) أي: متوسّط بين الطّول والقصر.


(١) في ج: "الأخرة".

<<  <  ج: ص:  >  >>