للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال الشيخ تقيّ الدين السبكي في شرح المنهاج: مفهوم الحديث يقتضي أنّه لا يحرم إذا لم يمنع به الكلأ، فلا يجب بذله للزّرع ويجب للماشية.

قال: وفي حديث آخر: "من منع الماء ليمنع به الكلأ منعه الله فضل رحمته يوم القيامة"، وفيه إشارة إلى أن الكلأ من رحمة الله، فكما منعه بمنعه الماء كذلك يمنعه الله رحمته، وفيه إشارة إلى تحريمه لأنّ رحمة الله لا يمنعها إلَّا معصيته، فلمّا كان منع الماء مانعًا من الرّحمة كان معصية، وفيه إشارة إلى أنّه كالحمى الذي ليس إلّا لله ولرسوله وهو منع الكلأ، ومن منع الماء ليمنع الكلأ (فكأنّه) (١) قد حمى الكلأ، والماشية لا ترعى الكلأ إلَّا إذا لم تجد الماء، فهو بمنعه الماء مانع لها من الرعي في الكلأ. قال الشافعي: وفي منع الماء الذي يمع به الكلأ الذي هو من رحمة الله عام يحتمل معنيين؛ أحدهما: أنّ ما كان ذريعة إلى منع ما أحلّ الله لم يحلّ، وكذلك ما كان ذريعة إلى إحلال ما حرّم الله. قال الشافعي: ولو كان هذا هكذا ففي هذا ما يثبت أن الذرائع إلى الحلال والحرام يشبه معاني الحلال والحرام. ويحتمل أن يكون منع الماء إنّما يحرم لأنه في معنى تلف ما لا غنى به لذوي الأرواح الآدميين وغيرهم، فإذا منعوا فضل الماء منعوا فضل الكلأ.

قال: والمعنى الأوّل أشبه.


(١) في أ: "فكان".

<<  <  ج: ص:  >  >>