للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والباء في "بالضمان" متعلّقة بمحذوف تقديره الخراج مستحقّ بالضمان أي بسببه.

وقال الخطّابي: لفظ الحديث مبهم يحتمل أن يكون معناه أنّ ملك الخراج بضمان الأصل، ويحتمل أن يكون المعنى أنّ ضمان الخراج بضمان الأصل، واقتضاء العموم من اللّفظ المبهم ليس بالبيّن الجواز، والحديث في نفسه ليس بالقوي إلَّا أن أكثر العلماء استعملوه في البيوع، والأحوط أن يتوقّف عنه فيما سواه. قال البخاري: "هذا حديث منكر ولا أعرف لمخلد بن خفاف غير هذا الحديث".

وقال الزركشي في القواعد: هو حديث صحيح، ومعناه: ما خرج من الشيء من عين أو منفعة أو غلّة فهو للمشتري عوض ما كان عليه من ضمان الملك، فإنّه لو تلف المبيع كان من ضمانه فالغلّة له، ليكون الغُنم في مقابلة الغُرم، وقد ذكروا على هذا (التقرير) (١) سؤالين؛ أحدهما: أنّه لو كان الخراج في مقابلة الضمان (لكان الزائد) (٢) قبل القبض للبائع، تمّ العقد أو انفسخ، إذ لا ضمان حينئذٍ ولم يقل أحد بذلك؟ وأجيب بأنّ الخراج يعلّل قبل القبض بالملك وبعده بالضمان والملك جميعًا، واقتصر في الحديث على التعليل بالضمان لأنّه أظهر عند البائع وأقطع لطلبه، واستبعاده أن الخراج للمشتري يبذله (٣) أنّ الغنم في مقابلة الغرم. الثاني: لو كانت العلّة بالضمان لزم أن تكون الزوائد للغاصب لأنّ ضمانه أشدّ من ضمان غيره، ومتى كانت العلة أشدّ كان الحكم فيها أولى، وبهذا احتجّ لأبي حنيفة في أنّ الغاصب لا يضمن منافع المغصوب، وأجيب بوجهين، أحدهما أنّه - صلى الله عليه وسلم - قضى في ذلك بضمان الملك وجعل الخراج لمن هو مالكه إذا تلِف تلف على ملكه وهو المشتري، والغاصب لا يملك المغصوب، والثاني أنّ


(١) في أ: "القدير".
(٢) في ب: "لكانت الزوائد".
(٣) في ب: "يبدله".

<<  <  ج: ص:  >  >>