للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(عن حمران) بضمّ الحاء المهملة.

(ثمّ صلّى ركعتين لا يُحدِّث فيهما نفسه) قال ابن دقيق العيد: إشارة إلى الخواطر والوساوس الواردة على النفس، وهي قسمان: أحدهما ما يهجم هجما يتعذّر دفعه عن النّفس، والثّاني ما تسترسل معه النفس ويمكن قطعه ودفعه، فيمكن حمل الحديث على هذا دون الأوّل لعسر اعتباره. ويشهد لذلك لفظة "يحدّث نفسه" فإنّه يقتضي تكسّبًا منه وتفعّلًا لهذا الحديث، ويمكن أن يحمل على النوعين معًا لأنّ العسر إنّما يجب رفعه عمّا يتعلّق بالتكاليف، والحديث إنّما يقتضي ترتيب ثواب مخصوص على عمل مخصوص، فمن حصل له ذلك العمل حصل له ذلك الثواب ومن لا فلا، وليس ذلك من باب التّكاليف حتى يلزم رفع العسر عنه. نعم ولا بد أن تكون تلك الحالة ممكنة الحصول، أعني الوصف المرتّب عليه الثواب المخصوص، والأمر كذلك فإنّ المتجردّين عن شواغل الدنيا الذين غلب ذكر الله على قلوبهم وغمرها، تحصل لهم تلك الحالة وقد حكي ذلك عن بعضهم. انتهى.

قال الشيخ وليّ الدّين: والاحتمال الذي صدَّر به كلامه هو الذي رجّحه غيره. قال النووي: ولو عَرض له حديث فأعرض عنه لمجرّد عروضه عفي من ذلك، وحصلت له هذه الفضيلة إن شاء الله تعالى، لأنّ هذا ليس من فعله وقد عفي لهذه الأمة عن الخواطر التي تعرض ولا تستقرّ. وقد قال معنى ما ذكرته الإمام أبو عبد الله المازري وتابعه عليه القاضي عياض فقال: يريد بحديث النفس الحديث المجتلب والمكتسب، وأمّا ما يقع في الخاطر (١) غالبًا فليس هو المراد.


(١) في ب: "الجاهل".

<<  <  ج: ص:  >  >>