للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(عن أبي جريّ) بضمّ الجيم وفتح الرّاء وتشديد اليّاء مصغّرًا.

(لا تقل عليك السّلام، فإنّ عليك السّلام تحيّة الميّت) قال الخطّابي: هذا يوهم أنّ السنَّة في تحيّة الميّت أن يقال له: عليك السلام، وقد ثبت أنّه - صلى الله عليه وسلم - دخل المقبرة فقال: "السلام عليكم دار قوم مؤمنين"، فقدّم الدّعاء على اسم المدعوّ له كما في تحيّة الأحياء، وإنّما كان ذلك القول منه إشارة إلى ما جرت به العادة بينهم في تحيّة الأموات إذ كانوا يقدّمون اسم الميت على الدّعاء وهو مذكور في أشعارهم؛ كقوله:

عليك سلام الله قيس بن عاصم (١) ... ورحمته ما شاء أن يترحّما

وقوله:

عليك سلام من أمير (٢) وباركت ... يد الله في ذاك الأديم الممزّق

والسنّة لا تختلف في تحيّة الأحياء والأموات بدليل الحديث الذي ذكرناه. وقال في النهاية: هذا إشارة إلى ما جرت به عادتهم في المراثي، كانوا يقدّمون ضمير الميّت على الدّعاء له - كما في البيتين -، وإنّما فعلوا ذلك لأنّ المسلِّم على القوم يتوقع الجواب وأن يقال له عليك السلام، فلمّا كان الميّت لا يتوقّع منه جواب جعلوا السّلام عليه كالجواب، وقيل أراد بالموتى كفّار الجاهلية، وهذا في الدّعاء بالخير والمدح، فأمّا في الشرّ والذمّ فيقدّم الضمير كقوله تعالى: {وَإِنَّ عَلَيْكَ لَعْنَتِي}، وقوله: {عَلَيْهِمْ دَائِرَةُ السَّوْءِ}، والسنَّة لا تختلف في تحيّة الأحياء والأموات.

وقال الشيخ تقيّ الدين السبكي: أخذ القاضي حسين وصاحب التتمّة


(١) في أ: "عامر".
(٢) في معالم السنن: "أديم".

<<  <  ج: ص:  >  >>