بظاهر هذا الحديث وقالا: المستحبّ أن يقول: في السّلام على الموتى وعليكم السّلام دار قوم مؤمنين، ولا يقول: السلام عليكم، (قالا)(١): لأنّهم ليسوا أهلا للخطاب. قال السبكي: وهذا مخالف للحديث الصّحيح، والصّواب أنّه يسلّم على الميّت كما يسلّم على الحيّ.
وقال ابن القيم في البديع: قال قوم حديث السّلام عليكم أصحّ من حديث النهي، وذهب آخرون إلى أنّ السنّة ما دلّ عليه حديث النهي، قال: وكلّ من الفريقين إنّما أوتوا من عدم فهم مقصود الحديث، فإنّ قوله - صلى الله عليه وسلم -: "فإنّ عليك السلام تحيّة الموتى"، ليس تشريعًا منه وإخبارًا عن أمر شرعيّ، وإنّما هو إخبار عن الواقع المعتاد الذي جرى على ألسنة الناس في الجاهلية، والإخبار عن الواقع لا يدلّ على الجواز فضلًا عن الاستحباب، فتعيّن المصير إلى ما ورد عنه - صلى الله عليه وسلم - على الأموات.
فإن تخيّل متخيّل في الفرق، أنّ السّلام على الأحياء يتوقّع جوابه فقدّم الدعاء على المدعوّ له، بخلاف الميّت، قلنا: والسّلام على الميت يتوقّع جوابه كما ورد به الحديث. انتهى.