للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(فَإِنَّهُ لَا خَارِجَ لَهُ) أَيْ لَا مُتَعَلِّقَ لَهُ، وَهُوَ النِّسْبَةُ الْخَارِجِيَّةُ (يَجْرِي فِيهِ ذَلِكَ الِاحْتِمَالُ) وَهُوَ أَنْ يَكُونَ الْمَسْكُوتُ غَيْرَ الْمَحْكُومِ عَلَيْهِ مَعَ جَوَازِ كَوْنِهِ حَاصِلًا فِي الْخَارِجِ (فَإِذَا انْتَفَى تَعَرُّضُهُ) أَيْ الْأَمْرِ وَنَحْوِهِ (لِلْمَسْكُوتِ يَنْتَفِي الْحُكْمُ عَنْهُ) أَيْ عَنْ الْمَسْكُوتِ (فِي نَفْسِ الْأَمْرِ وَدُفِعَ الْأَوَّلُ) وَهُوَ الْتِزَامُ الْمَفْهُومِ فِي الْخَبَرِ (بِأَنَّهُ مُكَابَرَةٌ وَالثَّانِي) وَهُوَ الْفَرْقُ الْمَذْكُورُ بَيْنَ الْخَبَرِ وَالْإِنْشَاءِ (بِإِفَادَتِهِ السُّكُوتَ عَنْ الْمَسْكُوتِ وَهُوَ) أَيْ السُّكُوتُ عَنْ الْمَسْكُوتِ (قَوْلُ النَّافِينَ) فَإِنَّ حَاصِلَ هَذَا الْوَجْهِ أَنَّ الْحُكْمَ مُنْتَفٍ عَنْ الْمَسْكُوتِ لِعَدَمِ مَا يُوجِبُهُ فِيهِ فَعَدَمُ ثُبُوتِهِ فِيهِ بِنَاءً عَلَى عَدَمِ وُجُوبِهِ، وَهَذَا تَصْرِيحٌ بِأَنَّ النَّفْيَ غَيْرُ مُضَافٍ إلَى اللَّفْظِ كَمَا هُوَ مَذْهَبُ النَّافِينَ ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ وَالدَّافِعُ الْقَاضِي عَضُدُ الدِّينِ.

(وَمِنْهَا) أَيْ الْأَدِلَّةِ الْمَنْظُورِ فِيهَا (لَوْ ثَبَتَ الْمَفْهُومُ) أَيْ اعْتِبَارُهُ (ثَبَتَ التَّعَارُضُ) فِي حُكْمِ الْمَسْكُوتِ كَثِيرًا (لِثُبُوتِ الْمُخَالَفَةِ كَثِيرًا) لِمُقْتَضَى الْمَفْهُومِ بِثُبُوتِ مِثْلِ حُكْمِ الْمَنْطُوقِ فِي الْمَسْكُوتِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى {لا تَأْكُلُوا الرِّبَا أَضْعَافًا مُضَاعَفَةً} [آل عمران: ١٣٠] فَإِنَّ مُقْتَضَى الْمَفْهُومِ حِلُّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ أَضْعَافًا مُضَاعَفَةً، وَغَيْرُهُ مِنْ السَّمْعِيَّاتِ كَالْإِجْمَاعِ وَسَنَدُهُ يَثْبُتُ حُرْمَتَهُ كَذَلِكَ (وَهُوَ) أَيْ التَّعَارُضُ (خِلَافُ الْأَصْلِ لَا يُصَارُ إلَيْهِ إلَّا بِدَلِيلٍ) فَلَا يَجُوزُ مَا يُؤَدِّي إلَيْهِ إلَّا بِدَلِيلٍ، وَمَا أَوْجَبَ كَثْرَةَ التَّعَارُضِ فِي حُكْمِ الْمَسْكُوتِ إلَّا اعْتِبَارُ الْمَفْهُومِ فَيَجِبُ أَنْ لَا يُعْتَبَرَ.

فَإِنْ قِيلَ: إذَا قَامَ الدَّلِيلُ عَلَى اعْتِبَارِهِ وَجَبَ أَنْ لَا يُبَالِيَ بِلُزُومِ كَثْرَةِ التَّعَارُضِ فِي حُكْمِ الْمَسْكُوتِ لِوُجُوبِ الْعَمَلِ بِالدَّلِيلِ إذَا أَدَّى إلَى خِلَافِ الْأَصْلِ قُلْنَا (فَإِنْ أُقِيمَ) الدَّلِيلُ عَلَى اعْتِبَارِهِ (فَبَعْدَ صِحَّتِهِ) أَيْ الدَّلِيلِ (كَانَ دَلِيلُنَا) عَلَى بُعْدِهِ (مُعَارِضًا) لَهُ فَلَا يَثْبُتُ وُجُوبُ اعْتِبَارِ مَا يُؤَدِّي إلَيْهِ مِنْ كَثْرَةِ الْمُعَارَضَةِ فِي حُكْمِ الْمَسْكُوتِ؛ إذْ لَا يَجُوزُ الْعَمَلُ بِهِ مَعَ وُجُودِ مُعَارِضِهِ وَتَعَقَّبَهُ الْمُصَنِّفُ بِأَنَّ ذَلِكَ إذَا لَمْ يُرَجَّحْ عَلَيْهِ فَقَالَ (وَالْحَقُّ أَنَّ كُلَّ دَلِيلٍ يَخْرُجُ عَنْ الْأَصْلِ بَعْدَ صِحَّتِهِ) أَيْ الدَّلِيلِ وَيُعَارِضُهُ مَا يُوَافِقُ الْأَصْلَ (يُقَدَّمُ) الْمُخَرَّجُ عَلَى الْمُوَافِقِ (وَإِلَّا لَزِمَ مِثْلُهُ فِي حُجِّيَّةِ خَبَرِ الْوَاحِدِ وَغَيْرِهِ) لِأَنَّ وَضْعَ الْأَدِلَّةِ لِذَلِكَ؛ لِأَنَّهَا لِإِثْبَاتِ التَّكَالِيفِ إثْبَاتًا وَنَفْيًا، وَالتَّكْلِيفُ مُطْلَقًا خِلَافُ الْأَصْلِ (وَيُدْفَعُ) مِنْ قِبَلِ الْحَنَفِيَّةِ (بِأَنَّ ذَلِكَ) أَيْ التَّرْجِيحَ مُثْبِتٌ خِلَافَ الْأَصْلِ إنَّمَا هُوَ (عِنْدَ تَسَاوِيهِمَا) أَيْ الدَّلِيلَيْنِ (فِي اسْتِلْزَامِ الْمَطْلُوبِ وَأَدِلَّتُكُمْ) عَلَى اعْتِبَارِهِ (بَيِّنًا أَنَّ شَيْئًا مِنْهَا لَا يَسْتَلْزِمُ اعْتِبَارَهُ) أَيْ الْمَفْهُومِ.

(وَمِثْلُهُ) أَيْ الْمَذْكُورِ فِي مَفْهُومِ الصِّفَةِ مِنْ مَقْبُولِ الْأَدِلَّةِ كَعَدَمِ فَائِدَةِ التَّقْيِيدِ لَوْلَاهُ وَمُزَيَّفُهَا كَتَكْثِيرِ الْفَائِدَةِ عَلَى الْقَوْلِ بِهِ مِنْ جَانِبِ الْمُثْبِتِ وَمِنْ الْأَجْوِبَةِ عَنْهَا مِنْ جَانِبِ النَّافِي يَكُونُ (فِي الشَّرْطِ) أَيْ فِي مَفْهُومِهِ (مِنْ الْجَانِبَيْنِ) الْمُثْبِت وَالنَّافِي مَعَ اخْتِصَاصِهِ بِحَدِيثِ يَعْلَى (وَشَرْطُهُ) أَيْ مَفْهُومِ الشَّرْطِ (مَا تَقَدَّمَ مِنْ عَدَمِ خُرُوجِهِ) أَيْ الْمُقَيِّدِ وَهُوَ الشَّرْطُ هُنَا (مَخْرَجَ الْغَالِبِ) كَقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلا تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ عَلَى الْبِغَاءِ إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّنًا} [النور: ٣٣] كَمَا هُوَ أَحَدُ الْوُجُوهِ (وَنَحْوُهُ) أَيْ هَذَا الشَّرْطِ مِمَّا لَا يَتَعَيَّنُ مَعَهُ مَفْهُومُ الشَّرْطِ كَالْخَوْفِ (وَيَخُصُّهُ) أَيْ مَفْهُومَ الشَّرْطِ مِنْ الْأَدِلَّةِ الْمُثْبِتَةِ لَهُ عَلَى قَوْلِ مُثْبِتِيهِ (قَوْلُهُمْ: إنَّهُ) أَيْ الشَّرْطَ (سَبَبٌ) لِلْجَزَاءِ، وَالْجَزَاءُ مُسَبَّبٌ عَنْهُ وَانْتِفَاءُ السَّبَبِ يُوجِبُ انْتِفَاءَ الْمُسَبَّبِ مُتَّحِدًا كَانَ السَّبَبُ أَوْ مُتَعَدِّدًا (فَعَلَى اتِّحَادِهِ ظَاهِرٌ) لِامْتِنَاعِ الْمُسَبَّبِ بِدُونِ سَبَبِهِ (وَعَلَى جَوَازِ التَّعَدُّدِ) أَيْ تَعَدُّدِ السَّبَبِ كَمَا فِي الْمُسَبَّبَاتِ النَّوْعِيَّةِ (الْأَصْلُ عَدَمُ غَيْرِهِ) أَيْ غَيْرِ السَّبَبِ الْمَذْكُورِ (فَإِذَا انْتَفَى) السَّبَبُ الْمَذْكُورُ (انْتَفَى مُطْلَقًا) أَيْ مُطْلَقُ السَّبَبِ؛ لِأَنَّ غَيْرَ الْمَذْكُورِ، وَإِنْ كَانَ جَائِزًا فَالْأَصْلُ عَدَمُهُ حَتَّى يَثْبُتَ وُجُودُهُ وَهَذَا مَعْنَى (مُلَاحَظَةً لِلنَّفْيِ الْأَصْلِيِّ مَا لَمْ يَقُمْ دَلِيلُ الْوُجُودِ) أَيْ وُجُودِ سَبَبٍ آخَرَ لِلْجَزَاءِ.

وَالْفَرْضُ عَدَمُهُ (مَعَ أَنَّ الْكَلَامَ فِيمَا إذَا اسْتَقْصَى الْبَحْثَ عَنْ آخَرَ فَلَمْ يُوجَدْ) آخَرُ (فَإِنَّ احْتِمَالَ وُجُودِهِ) أَيْ آخَرَ حِينَئِذٍ (يَضْعُفُ فَيَتَرَجَّحُ الْعَدَمُ) أَيْ عَدَمُ آخَرَ (وَالْمَفْهُومُ ظَنِّيٌّ لَا يُؤَثِّرُ فِيهِ الِاحْتِمَالُ) الْمَرْجُوحُ فَيَنْتَفِي الْمُسَبَّبُ ظَاهِرًا حِينَئِذٍ، وَإِنْ لَمْ يَنْتَفِ قَطْعًا كَمَا فِي الِاتِّحَادِ، وَهُوَ كَافٍ فِي الْمَطْلُوبِ وَتَعَقَّبَ

<<  <  ج: ص:  >  >>