للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

من أنكر، وقال: إن الذي قتلنا الشبه شبه عيسى، والجسد ليس جسده، والنصارى أيضًا اتبعوهم في اختلافهم ذاك.

قوله: {مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ} نفى الله عنهم أن يكونوا عالمين، ووجه ذلك: أن العلم إدراك الشيء على ما هو عليه في الواقع إدراكًا جازمًا، وهؤلاء لم يصلوا إلى هذا الحد، بل نعلم أنهم لم يعلموا هذا؛ لأنهم {وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ}.

وقوله: {مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ} "مَا" هنا نافية، وهل هي حجازية، أو تميمية، أو حجازية لم تكمل شروطها؟ الجواب: حجازية لم تكمل شروطها، والذي اختل من الشروط عدم الترتيب بين اسمها وخبرها، وابن مالك رحمه الله يقول في الألفية:

إعمال ليس أعملت ما دون إن ... مَعَ بقا النفي وترتيب زكن

أي: عُلم، وهنا الترتيب مختلف، ولو قلت: "ما زيد قائمًا" كنت حجازيًا، ولو قلت: "ما زيد قائم" كنت تميميًا، وقال الشاعر يصف معشوقته:

ومهفهف الأعطاف قلتُ له انتسب ... فأجاب ما قتلُ المحب حرامُ

إذًا هي تميمية، ولو كانت حجازية لقال: "ما قتل المحب حرامًا".

لكن {مَا} لا تعمل عمل ليس عند الحجازيين إلا مع الترتيب وبقاء النفي، وهنا لا ترتيب، ولذلك نعرب {مَا} نافية، وقوله: {لَهُمْ} جار ومجرور خبر مقدم، وقوله: {عِلْمٍ} مبتدأ مؤخر، لكن دخل عليه حرف الجر الزائد إعرابًا الزائد معنى؛ لأن الحروف الزائدة إعرابًا تفيد تقوية الكلام.

قوله: {إِلَّا اتِّبَاعَ الظَّنِّ}، {إِلَّا} هنا أداة استثناء، لكن

<<  <  ج: ص:  >  >>