للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

انتفى العلم عن اليهود في هذه المسألة، ولم يدركوها حقًا.

١٤ - الإشارة إلى ذم من اتبع الظن، ووجهه: أن الله نفى عنهم العلم أولًا، ونفي العلم يقتضي ثبوت الجهل، والجهل مذموم، فـ {اتِّبَاعَ الظَّنِّ} أيضًا مذموم، ولكن الله تعالى بين في سورة الحجرات أن الظن بعضه غير مذموم، فقال: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ} [الحجرات: ١٢] يعني: ولا تجتنبوا بعض الظن، {إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ} يعني: وبعضه ليس بإثم، فالظن المبني على قرائن قوية، وليست أوهامًا ولا تخيلات هذا ليس بإثم، والظن الذي لا أصل له هذا إثم، ولكن إذا ظن الإنسان بأخيه سوءًا فهل الأولى أن يحقق أو أن يتجاهل الأمر؟ الجواب: يقال: حسب الحال، فقد يكون من المصلحة النفي حتى نصل إلى اليقين، إما نفيًا أو إثباتًا، وقد يكون من المصلحة أن نتجاهل ونتغاضى، فإذا كان الأمر بينك وبين هذا الرجل فالتجاهل أحسن، يعني: لو نقل إليك إنسان كلامًا فيك من شخص فالأولى أن تتجاهل هذا؛ لئلا يقع في قلبك شيء عليه، فضلًا عن أنه ربما تذهب إليه وتتنازع معه، ولهذا جاء في حديث رواه ابن مسعود - رضي الله عنه -، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا يخبرني أحد منكم عن أحد شيئًا، فإني أحب أن أخرج إليكم وأنا سليم الصدر" (١) والحديث فيه ما فيه من حيث السند، لكن معناه جيد، إلا إذا دعت الحاجة إلى إخبار الإنسان فهذا شيء آخر، مثل أن نعرف أن هذا الرجل بينه وبين هذا صداقة، ويفضي إليه بسره،


(١) رواه أبو داود، كتاب الأدب، باب في رفع الحديث من المجلس، حديث رقم (٤٨٦٠)؛ والترمذي، كتاب المناقب، باب فضل أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم -، حديث رقم (٣٨٩٦)؛ وأحمد (١/ ٣٩٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>