أهل الكتاب، يكون المعنى: أنه ما من إنسان من أهل الكتاب يحضره الموت إلا آمن بعيسى، حتى اليهود الذين كانوا ينكرون رسالته يؤمنون به.
وقوله:{مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ} هم اليهود والنصارى، وسموا بذلك؛ لأن لهم كتبًا حية وإن كانت محرفة، وهي التوراة عند اليهود، والإنجيل عند النصارى؛ ولهذا سموا أهل الكتاب، ولا يعلم كتاب بقي إلى بعثة الرسول عليه الصلاة والسلام مما جاءت به الرسل إلا التوراة والإنجيل، وقيل: إن المجوس لهم كتاب أنزل، أو لهم شبهة؛ ولكن الصحيح خلاف ذلك، وأنه لا يوجد كتاب بقي إلى بعثة الرسول - صلى الله عليه وسلم - إلا التوراة والإنجيل.
وقوله:{إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ} أي: إيمان قبول وإذعان، وليس مجرد التصديق؛ لأن مجرد التصديق لا يسمى إيمانًا، ولهذا لا يحكم بإيمان أبي طالب مع أنه مصدق، بل لا بد من قبول ما آمن به الإنسان والإذعان له.
وقوله:{قَبْلَ مَوْتِهِ} أي: قبل موت عيسى، أو موت الإنسان، وذلك حين يرى الحق، فإذا رأى الكتابي الحق سواء كان ذلك بنزول الموت، أو كان ذلك بنزول عيسى عليه الصلاة والسلام فإنه يقبل، ولكن هذا الإيمان يكون كالإيمان الإضطراري؛ لأنهم لما كان باختيارهم لم يؤمنوا بعيسى بل كفروا به.