بدليل قوله:{طَيِّبَاتٍ أُحِلَّتْ لَهُمْ} وهي نكرة لا تفيد العموم، بدليل الإطلاق، فما الذي حرم عليهم؟
الجواب: قال الله تعالى مبينًا ذلك في سورة الأنعام: {وَعَلَى الَّذِينَ هَادُوا حَرَّمْنَا كُلَّ ذِي ظُفُرٍ وَمِنَ الْبَقَرِ وَالْغَنَمِ حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ شُحُومَهُمَا إِلَّا مَا حَمَلَتْ ظُهُورُهُمَا أَوِ الْحَوَايَا أَوْ مَا اخْتَلَطَ بِعَظْمٍ}[الأنعام: ١٤٦] فحرم الله عليهم من أجناس الحيوان {كُلَّ ذِي ظُفُرٍ} والمراد بكل ذي ظفر: كل ما رجلاه، أو قدماه غير مشقوقة، يعني: الذي لم تشق رجله يسمى: ذا الظفر، مثل الإبل، والنعام، وما أشبه ذلك، يعني: الذي ليس له أصابع ولا شقت قدمه يسمى: ذا الظفر، وعلى هذا فالإبل محرمة على بني إسرائيل.
قوله:{وَبِصَدِّهِمْ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ كَثِيرًا} يعني: أنهم كانوا صادين عن سبيل الله وصادين لغيرهم أيضًا، فهم مستكبرون ومجرمون؛ مستكبرون عن طاعة الله بصدهم لأنفسهم، ومجرمون حيثُ اعتدوا على غيرهم، وصدوهم عن سبيل الله.
قوله:{وَقَدْ نُهُوا عَنْهُ} وهذا أشد في الإثم والتحريم؛ لأنهم قد قامت عليهم الحجة.
وكذلك أيضًا وصفهم بأنهم يأكلون أموال الناس بالباطل، ومن ذلك الرشوة، فقد كانوا آكالين للسحت والرشوة في الحكم، يعني: أنهم يرشون الحكام ليحكموا لهم بما لم ينزل به الله شرعًا، ثم بين الله عزّ وجل أنه أعد للكافرين منهم عذابا أليما،