للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الصلاة والسلام، وهذا حرمان لأمر شرعي، وهو "أن من قامها إيمانًا واحتسابًا غفر الله له ما تقدم من ذنبه" (١) لكن حرم الناس هذا الخير بسبب الظلم، وهو التلاحي، والتخاصم، والتنازع، ولهذا يغفر في ليلة القدر لغير المتشاحنين؛ أي: الذين بينهم شحناء، كما تعرض الأعمال يوم الإثنين والخميس فيغفر لكل أحد إلا من بينه وبين أخيه شحناء، فيقال: أنظروا هذين حتى يصطلحا (٢).

٣ - أن الله تعالى قد يحرم بالظلم تحريمًا قدريًا، لأن الذي حصل لبني إسرائيل تحريم شرعي، قال تعالى: {فَبِظُلْمٍ مِنَ الَّذِينَ هَادُوا حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ طَيِّبَاتٍ أُحِلَّتْ لَهُمْ} وقال: {وَعَلَى الَّذِينَ هَادُوا حَرَّمْنَا كُلَّ ذِي ظُفُرٍ} [الأنعام: ١٤٦] فهذا تحريم شرعي، لكن قد يحرم الإنسان تحريمًا قدريًا مع حل الشيء شرعًا، فيصاب مثلًا بمرض، فيقول له الأطباء: اترك الأكلة الفلانية، بسبب ظلمه، وقد يتهور إنسان مثلًا ويسرف في الإنفاق - والإسراف في الإنفاق أكلًا وشربًا ولبسًا حرام -، والدليل: {وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ} [الأنعام: ١٤١]، فقد يسرف الإنسان، فيحرم من هذا الخير الذي أسرف فيه قدرًا لا شرعًا، بأن يصاب بمرض لا يتلاءم معه أن يأكل كل شيء، أو أن يلبس كل شيء، وهذا نسميه: تحريمًا قدريًا.

٤ - أن الأمر إلى الله تعالى تحليلًا وتحريمًا، لقوله:


(١) رواه البخاري، كتاب الصوم، باب من صام رمضان إيمانًا واحتسابًا ونيه (١٩٠١)؛ رواه مسلم، كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب الترغيب في قيام رمضان وهو التراويح (٧٦٠) عن أبي هريرة.
(٢) رواه مسلم، كتاب البر والصلة والآداب، باب النهي من الشحناء والتهاجر (٢٥٦٥) عن أبي هريرة.

<<  <  ج: ص:  >  >>