المراد بذلك {الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ} الذين أثمر علمهم الإيمان، فتكون من باب عطف الصفة على الصفة، وعطف الصفة على الصفة جائز في اللغة العربية، كما في قوله تبارك وتعالى: {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى (١) الَّذِي خَلَقَ فَسَوَّى (٢) وَالَّذِي قَدَّرَ فَهَدَى (٣) وَالَّذِي أَخْرَجَ الْمَرْعَى (٤)} [الأعلى: ١ - ٤] أو أن المؤمنين هنا غير الراسخين في العلم، والمراد بهم المؤمنون من المهاجرين والأنصار؛ أي: من هذه الأمة، فيكون العطف من باب عطف المتباينين المتغايرين؟ ذكروا في هذا قولين: ولا يبعد أن يكون القولان كلاهما صحيحًا.
وقوله:{بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ}، {بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ} هو القرآن، والمنزل له هو الله عزّ وجل، كما قال تعالى:{قُلْ نَزَّلَهُ رُوحُ الْقُدُسِ مِنْ رَبِّكَ}[النحل: ١٠٢]، والمنزل إليه هو محمد - صلى الله عليه وسلم -، والنازل هو القرآن، إذًا "مَا" اسم موصول يعود على القرآن.
وقوله:{وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ} أي: من الكتب السابقة، فيؤمنون بأن الله أنزل التوراة على موسى، والإنجيل على عيسى، والزبور على داود، والصحف على إبراهيم، وكذلك على موسى عليهم الصلاة والسلام.
قوله:{وَالْمُقِيمِينَ الصَّلَاةَ وَالْمُؤْتُونَ الزَّكَاةَ}، {وَالْمُقِيمِينَ الصَّلَاةَ} أي: الذين يأتون بها على وجه الإستقامة والتمام، بأن يأتوا بها تامة الشروط والأركان والواجبات، ويكملونها بالمستحبات، والمراد بالصلاة هنا عموم الصلوات فيشمل الفرائض والنوافل.