وفي الآية إشكال من حيث الإعراب، حيث جاء قوله:{وَالْمُقِيمِينَ} بالياء بين مرفوعات؛ مرفوع سابق، ومرفوع لاحق، فأشكل على بعض الناس كيف جاءت هذه الكلمة بين المرفوعات على أنها بالياء؟ فقيل: إن قوله: {الْمُقِيمِينَ} معطوف على قوله: {بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ}؛ أي: والمؤمنون بـ {الْمُقِيمِينَ الصَّلَاةَ} والمراد بهم الملائكة؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم -، أخبر أنه ما في السماء موضع أربع أصابع إلا وفيه ملك قائم لله أو راكع أو ساجد، فكأنه قال: والمؤمنون بالملائكة، وقيل: إن المقيمين هنا وصف عام، يشمل كل من أقام الصلاة من الملائكة وغيرهم، وأنه نص على {الْمُقِيمِينَ الصَّلَاةَ} لأهميتها؛ ولأنها آكد أفعال البدن من العبادات، فعلى هذا تكون منصوبة لا مجرورة، ونصبت على المدح؛ أي: أمدح {الْمُقِيمِينَ الصَّلَاةَ} فعاملها محذوف والتقدير وأمدح المقيمين الصلاة، وإنما جاء القطع حيث نصبت بفعل محذوف، لفائدتين:
الفائدة الأولى: معنوية، وهي بيان العناية بإقامة الصلاة.
الفائدة الثانية: الإنتباه، وذلك لأن الكلام إذا كان على نسق واحد فإن الإنسان ينسجم معه، ولا يكون هناك شيء يوجب وقوفه، لكن إذا اختلف توقف، وتساءل: لماذا جاءت هذه الكلمة على هذا الوجه، مخالفة لغيرها من الكلمات؟
وهذا بلا شك خير ممن قال: إن هذا غلط من الكتاب، كما قال بعضهم - والعياذ بالله - حيث قال إن الذين كتبوا المصحف أخطأوا فقالوا: والمقيمين، وأنها على قراءة ابن مسعود "والمقيمون" وهي الصواب، لكن هذا لا يستقيم إطلاقًا، إذ كيف