يمكن للأمة الإسلامية أن يبقى الغلط في القرآن الكريم ولا يغير، وكيف يلتئم هذا مع قوله تعالى: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ (٩)} [الحجر: ٩].
والحقيقة أن الغالط هو القائل بهذا، وأنه أبعد النجعة وأخطأ خطأ عظيمًا، بل الفائدة كما ذكرنا سابقًا.
إذًا: يبقى النظر هل نقول إن "المقيمين" بالجر، والمعنى {يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ وَالْمُقِيمِينَ الصَّلَاةَ}، وهم الملائكة، أو أنها منصوبة على تقدير فعل محذوف؟
الجواب: الثاني أولى، وإن كان الأول فيه احتمال، لكن الثاني هو الراجح، والحكمة من ذلك أي: من القطع لفظية ومعنوية كما ذكرنا.
قوله:{وَالْمُؤْتُونَ الزَّكَاةَ} قيل: إنها مستأنفة، وأن الخبر قوله:{أُولَئِكَ سَنُؤْتِيهِمْ أَجْرًا عَظِيمًا}، وقيل: إنها معطوفة على ما سبق من قوله: {لَكِنِ الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ مِنْهُمْ وَالْمُؤْمِنُونَ} يعني: {وَالْمُؤْتُونَ الزَّكَاةَ}، لكن الأقرب أنها مستأنفة لوجود الفاصل بينها وبين المعطوف عليه، وهو قوله:{وَالْمُقِيمِينَ الصَّلَاةَ}.
وقوله:{وَالْمُؤْتُونَ} أي: المعطون و {الزَّكَاةَ} أي: النصيب المقدر في الأموال الزكوية، وعلى هذا فالمراد بذلك زكاة المال، وقيل: المراد بذلك زكاة البدن، لقول الله تعالى: {وَوَيْلٌ لِلْمُشْرِكِينَ (٦) الَّذِينَ لَا يُؤْتُونَ الزَّكَاةَ} [فصلت: ٦، ٧] والمراد بذلك زكاة البدن، لكن الأول أقرب إلى الصواب؛ لأن الله تعالى يقرن دائمًا بين إقام الصلاة وإيتاء الزكاة.