لأنه ليس له أب، وإلا فمن المعلوم أن من له أب شرعي فإنه يجب أن ينسب إليه لا إلى أمه.
وقولنا أب شرعي احترازًا ممن له أب قدري لا شرعي، وهو ما حصل بالزنا، والعياذ بالله! فإن هذا له أب قدري وهو الزاني، لكن الزاني ليس أبًا شرعيًا.
وقوله:{رَسُولُ اللَّهِ} أي: مرسل من الله عزّ وجل، وليس ربًا ولا جزءًا من رب، بل إنه رسول الله.
وقوله:{وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ} الواو حرف عطف، وقوله:{وَكَلِمَتُهُ} معطوفة على رسول الله، {وَكَلِمَتُهُ} أي: كلمة الله؛ أي: الكائن بكلمة الله، وليس هو الكلمة؛ لأن الكلمة وصف للمتكلم لا شيء بائن منه، وعلى هذا فيكون معنى {وَكَلِمَتُهُ} أي: الكائن بكلمته {كُنْ}، قال الله تعالى:{إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ}[آل عمران: ٥٩].
وقوله:{وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ} أي: أوصلها إلى مريم، بأن قال لها احملي مثلًا، أو كلمة نحوها، ونعوذ بالله أن نقول على الله ما لم يقل، لكن هذا معنى كونه كلمة تصل إلى مريم، عن طريق جبريل، كما قال تعالى:{وَمَرْيَمَ ابْنَتَ عِمْرَانَ الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهِ مِنْ رُوحِنَا}[التحريم: ١٢] وأضاف الله النفخ إليه؛ لأنه فعل رسوله الذي أرسله لينفخ في فرجها، وإضافة النفخ إلى الله مع أنه كان من جبريل كإضافة القراءة إلى الله مع أنه كان من جبريل في قوله تعالى: {فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ (١٨)} [القيامة: ١٨] , فالذي يقرأ جبريل، والنبي - صلى الله عليه وسلم - يتبعه.